الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                        تفسير سورة آل عمران وهي مدنية

                                                                                                                                                                                                                                        بسم الله الرحمن الرحيم

                                                                                                                                                                                                                                        الم الله لا إله إلا هو الحي القيوم نزل عليك الكتاب بالحق مصدقا لما بين يديه وأنزل التوراة والإنجيل من قبل هدى للناس وأنزل الفرقان إن الذين كفروا بآيات الله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء هو الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم

                                                                                                                                                                                                                                        (1) الم من الحروف التي لا يعلم معناها إلا الله.

                                                                                                                                                                                                                                        (2) فأخبر تعالى أنه الحي كامل الحياة، القيوم القائم بنفسه، المقيم لأحوال خلقه، وقد أقام أحوالهم الدينية، وأحوالهم الدنيوية والقدرية، فأنزل على رسوله محمد -صلى الله عليه وسلم- الكتاب بالحق، الذي لا ريب فيه، وهو مشتمل على الحق.

                                                                                                                                                                                                                                        (3 - 4 مصدقا لما بين يديه من الكتب، أي: شهد بما شهدت به، ووافقها وصدق من جاء بها من المرسلين، وكذلك " أنزل التوراة والإنجيل " من قبل هذا الكتاب هدى للناس ، وأكمل الرسالة وختمها بمحمد -صلى الله عليه وسلم- وكتابه العظيم الذي هدى الله به الخلق من الضلالات واستنقذهم به من الجهالات، وفرق به بين الحق والباطل، والسعادة والشقاوة، والصراط المستقيم، وطرق الجحيم، فالذين آمنوا به واهتدوا حصل لهم به الخير الكثير، والثواب العاجل والآجل، و إن الذين كفروا بآيات الله التي بينها في كتابه وعلى لسان رسوله لهم عذاب شديد والله عزيز ذو انتقام ممن عصاه.

                                                                                                                                                                                                                                        (5 - 6) ومن تمام قيوميته تعالى، أن علمه محيط بالخلائق لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء حتى ما في بطون الحوامل ، فهو [ ص: 208 ] الذي يصوركم في الأرحام كيف يشاء من ذكر وأنثى، وكامل الخلق وناقصه، متنقلين في أطوار خلقته وبديع حكمته، فمن هذا شأنه مع عباده، واعتناؤه العظيم بأحوالهم، من حين أنشأهم إلى منتهى أمورهم لا مشارك له في ذلك- فيتعين أنه لا يستحق العبادة إلا هو، لا إله إلا هو العزيز الذي قهر الخلائق بقوته، واعتز عن أن يوصف بنقص أو ينعت بذم الحكيم في خلقه وشرعه.

                                                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية