الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      باب ستر العورة

                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( ستر العورة [ عن العيون ] واجب لقوله تعالى : { وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا } قال ابن عباس : " كانوا يطوفون البيت عراة فهي فاحشة " وروى علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت } فإن اضطر إلى الكشف للمداواة أو للختان جاز ذلك ; لأنه موضع ضرورة ، وهل يجب سترها في حال الخلوة ؟ فيه وجهان ( أصحهما ) يجب لحديث علي رضي الله عنه ( والثاني ) لا يجب ; لأن المنع من الكشف للنظر وليس في الخلوة من ينظر فلم يجب الستر ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) هذا التفسير مشهور عن ابن عباس رضي الله عنهما ووافقه فيه غيره ، وحديث علي رضي الله عنه رواه أبو داود في سننه في كتاب الجنازة ، ثم في كتاب الحمام وقال : هذا الحديث فيه نكارة ، ويغني عنه حديث جرهد ، بفتح الجيم والهاء ، الصحابي رضي الله عنه { أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له : غط فخذك فإن الفخذ من العورة } رواه أبو داود في كتاب الحمام ، والترمذي في الاستئذان من ثلاثة طرق ، وقال في كل طريق منها " هذا حديث حسن " وقال في بعضها " حديث حسن وما أرى إسناده [ ص: 171 ] بمتصل " . وعن المسور بن مخرمة رضي الله عنه قال : { أقبلت بحجر ثقيل أحمله وعلي إزار خفيف فانحل إزاري ومعي الحجر لم أستطع أضعه حتى بلغت به إلى موضعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجع إلى ثوبك فخذه ، ولا تمشوا عراة } رواه مسلم ، وعن بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده قال : قلت { يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر ؟ قال : احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك ، قال : قلت يا رسول الله إذا كان القوم بعضهم في بعض ، قال : إن استطعت أن لا يرينها أحد فلا ترينها أحدا ، قلت : يا رسول الله إذا كان أحدنا خاليا ؟ قال الله أحق أن يستحيا منه من الناس } رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم ، قال الترمذي حديث حسن قال أهل اللغة " سميت العورة لقبح ظهورها ولغض الأبصار عنها ، مأخوذة من العور ، وهو النقص والعيب والقبح ، ومنه عور العين ، والكلمة العوراء القبيحة .

                                      ( أما حكم المسألة ) فستر العورة عن العيون واجب بالإجماع لما سبق من الأدلة ، وأصح الوجهين وجوبه في الخلوة لما ذكرنا من حديث بهز وغيره ، وممن نص على تصحيحه المصنف والبندنيجي فإن احتاج إلى الكشف جاز أن يكشف قدر الحاجة فقط هكذا قاله الأصحاب . وقول المصنف ( فإن اضطر ) محمول على الحاجة لا على حقيقة الضرورة ، ولو قال : احتاج كما قال الأصحاب لكان أصوب ، لئلا يوهم اشتراط الضرورة فمن الحاجة حالة الاغتسال يجوز في الخلوة عاريا ، والأفضل التستر بمئزر ، وقد سبق بيان هذا واضحا في باب صفة الغسل ، والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية