الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
[ ص: 360 ] أشهر كتب التفسير في العصر الحديث

لقد أعطى المفسرون الأوائل كتب التفسير حظها من المنقول والمعقول ، وتوافروا على المباحث اللغوية ، والبلاغية ، والنحوية ، والفقهية والمذهبية والكونية الفلسفية ثم فترت الهمم ، وجاء من بعدهم مختصرا وناقلا ، أو مفندا ومرجحا .

فلما جاءت النهضة العلمية في العصر الحديث شملت فيما شملته " التفسير " وإليك أمثلة منه :

1- الجواهر في تفسير القرآن ، للشيخ طنطاوي جوهري :

كان الشيخ طنطاوي جوهري مغرما بالعجائب الكونية ، وكان مدرسا بمدرسة دار العلوم في مصر ، يفسر بعض آيات القرآن على طلبتها ، كما كان يكتب في بعض الصحف ، ثم خرج بمؤلفه في التفسير " الجواهر في تفسير القرآن " .

وقد عني في هذا التفسير عناية فائقة ، بالعلوم الكونية ، وعجائب الخلق ، ويقرر في تفسيره أن في القرآن من آيات العلوم ما يربو على سبعمائة وخمسين آية ، ويهيب بالمسلمين أن يتأملوا في آيات القرآن التي ترشد إلى علوم الكون ، ويحثهم على العمل بما فيها ، ويفضلها على غيرها في الوقت الحاضر ، حتى على فرائض الدين ، فيقول : " يا ليت شعري : لماذا لا نعمل في آيات العلوم الكونية ما فعله آباؤنا في آيات الميراث ؟ ولكني أقول : الحمد لله . الحمد لله! إنك تقرأ في هذا التفسير خلاصات من العلوم ، ودراستها أفضل من دراسة علم الفرائض ; لأنه فرض كفاية ، فأما هذه فإنها للازدياد في معرفة الله ، وهي فرض عين على كل قادر " ويأخذ الغرور منه مأخذه ، فينحى باللائمة على المفسرين السابقين ، ويقول : " إن هذه العلوم التي أدخلناها في تفسير القرآن هي التي أغفلها الجهلاء المغرورون من صغار الفقهاء في الإسلام ، فهذا زمان الانقلاب ، وظهور الحقائق ، والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم " .

والمؤلف يخلط في كتابه خلطا ، فيضع في تفسيره صور النبات والحيوانات ومناظر الطبيعة وتجارب العلوم كتاب مدرسي في العلوم ، ويشرح بعض الحقائق الدينية بما جاء عن أفلاطون في جمهوريته ، وعن إخوان الصفا في رسائلهم ، ويستخدم الرياضيات ، ويفسر الآيات تفسيرا يقوم على نظريات علمية حديثة .

[ ص: 361 ] وقد أساء الشيخ طنطاوي جوهري في نظرنا بهذا إلى التفسير إساءة بالغة من حيث يظن أنه يحسن صنعا ولم يجد تفسيره قبولا لدى كثير من المثقفين . لما فيه من تعسف في حمل الآيات على غير معناها ، ولذا وصف هذا التفسير بما وصف به تفسير الفخر الرازي ، فقيل عنه : " فيه كل شيء إلا التفسير " .

"

التالي السابق


الخدمات العلمية