الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في كراهية رفع اليدين عند رؤية البيت

                                                                                                          855 حدثنا يوسف بن عيسى حدثنا وكيع حدثنا شعبة عن أبي قزعة الباهلي عن المهاجر المكي قال سئل جابر بن عبد الله أيرفع الرجل يديه إذا رأى البيت فقال حججنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فكنا نفعله قال أبو عيسى رفع اليدين عند رؤية البيت إنما نعرفه من حديث شعبة عن أبي قزعة وأبو قزعة اسمه سويد بن حجير

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( عن أبي قزعة ) بقاف مفتوحة وسكون زاي وفتحها وبعين مهملة كنيته سويد بن حجير ، كذا في المغني ( عن المهاجر المكي ) هو مهاجر بن عكرمة بن عبد الرحمن الخراساني وثقه ابن حبان ، وقال الحافظ في التقريب : مقبول من الرابعة .

                                                                                                          قوله : ( أفكنا نفعله ) الهمزة للإنكار ، وفي رواية أبي داود : فلم يكن يفعله ، وفي رواية النسائي : فلم نكن نفعله . قال الطيبي : وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي خلافا لأحمد وسفيان الثوري وهو غير صحيح عن أبي حنيفة والشافعي أيضا فإنهم صرحوا أنه يسن إذا رأى البيت أو وصل لمحل يرى منه البيت إن لم يره لعمى أو في ظلمة أن يقف ويدعو رافعا يديه ، انتهى كلام القاري .

                                                                                                          قلت : روى الشافعي في مسنده عن ابن جريج أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال : " اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما ومهابة ، وزد من شرفه وكرمه ممن حجه واعتمره تشريفا وتعظيما وتكريما وبرا " . قال الشافعي بعد أن أورده : ليس في رفع اليدين عند رؤية البيت شيء فلا أكرهه ولا أستحبه .

                                                                                                          قال البيهقي : فكأنه لم يعتمد على الحديث لانقطاعه ، انتهى . فظهر من كلام الشافعي هذا أن رفع اليدين عند رؤية البيت عنده ليس بمكروه ولا مستحب . وأما حديث ابن جريج فقال الحافظ في التلخيص : هو معضل فيما بين ابن جريج والنبي -صلى الله عليه وسلم- انتهى وفي إسناده سعيد بن سالم القداح وفيه مقال ، قاله الشوكاني ، وقال ليس في الباب ما يدل على مشروعية رفع اليدين عند رؤية البيت وهو حكم شرعي لا يثبت إلا بدليل . [ ص: 502 ] وأما الدعاء عند رؤية البيت فقد رويت فيه أخبار وآثار منها ما أخرجه ابن المفلس أن عمر كان إذا نظر إلى البيت قال : اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام ، ورواه سعيد بن منصور في السنن عن ابن عيينة عن يحيى بن سعيد ولم يذكر عمر ، ورواه الحاكم عن عمر أيضا وكذلك رواه البيهقي عنه ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( رفع اليد عند رؤية البيت إنما نعرفه من حديث شعبة عن أبي قزعة ) وذكر الخطابي أن سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق ابن راهويه ضعفوا حديث جابر هذا ؛ لأن في إسناده مهاجر بن عكرمة المكي وهو مجهول عندهم لكن قد عرفت أن ابن حبان وثقه ، وقال الحافظ إنه مقبول .

                                                                                                          قوله : ( واسم أبي قزعة سويد بن حجر ) كذا في بعض النسخ وفي بعضها سويد بن حجير وهو الصحيح . قال الحافظ في التقريب : سويد بن حجير بتقديم المهملة مصغرا الباهلي أبو قزعة المصري ، ثقة من الرابعة ، انتهى ، وكذلك في الخلاصة .




                                                                                                          الخدمات العلمية