الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء في الوضوء من لحوم الإبل

                                                                                                          81 حدثنا هناد حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عبد الله بن عبد الله الرازي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الإبل فقال توضئوا منها وسئل عن الوضوء من لحوم الغنم فقال لا تتوضئوا منها قال وفي الباب عن جابر بن سمرة وأسيد بن حضير قال أبو عيسى وقد روى الحجاج بن أرطاة هذا الحديث عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أسيد بن حضير والصحيح حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب وهو قول أحمد وإسحق وروى عبيدة الضبي عن عبد الله بن عبد الله الرازي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ذي الغرة الجهني وروى حماد بن سلمة هذا الحديث عن الحجاج بن أرطاة فأخطأ فيه وقال فيه عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه عن أسيد بن حضير والصحيح عن عبد الله بن عبد الله الرازي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال إسحق صح في هذا الباب حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث البراء وحديث جابر بن سمرة وهو قول أحمد وإسحق وقد روي عن بعض أهل العلم من التابعين وغيرهم أنهم لم يروا الوضوء من لحوم الإبل وهو قول سفيان الثوري وأهل الكوفة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( نا أبو معاوية ) هو محمد بن حازم الضرير أحد الأئمة ثقة ( عن عبد الله بن عبد الله ) الهاشمي مولاهم الرازي الكوفي القاضي ، عن جابر بن سمرة وعبد الرحمن بن أبي ليلى ، وعنه الأعمش وحجاج بن أرطأة ، وثقه أحمد بن حنبل .

                                                                                                          ( عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ) الأنصاري المدني ثم الكوفي ثقة من الثانية ، اختلف في سماعه عن عمر قاله الحافظ في التقريب ، وقال الخزرجي في الخلاصة : روى عن عمر ومعاذ وبلال وأبي ذر وأدرك مائة وعشرين من الصحابة الأنصاريين ، [ ص: 221 ] وعنه ابنه عيسى ومجاهد وعمرو بن ميمون أكبر منه والمنهال بن عمرو وخلق ، وثقه ابن معين مات سنة 83 ثلاث وثمانين . انتهى .

                                                                                                          قوله : ( فقال توضئوا منها ) فيه دليل على أن أكل لحوم الإبل ناقض للوضوء قال النووي : اختلف العلماء في أكل لحوم الجزور فذهب الأكثرون إلى أنه لا ينقض الوضوء وممن ذهب إليه الخلفاء الأربعة الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وأبو الدرداء وأبو طلحة وعامر بن ربيعة وأبو أمامة وجماهير التابعين ومالك وأبو حنيفة والشافعي وأصحابهم . وذهب إلى انتقاض الوضوء به أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن يحيى وأبو بكر بن المنذر وابن خزيمة واختاره الحافظ أبو بكر البيهقي ، وحكي عن أصحاب الحديث مطلقا وحكي عن جماعة من الصحابة .

                                                                                                          واحتج هؤلاء بحديث جابر بن سمرة الذي رواه مسلم ، قال أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا حديثان حديث جابر وحديث البراء ، وهذا المذهب أقوى دليلا وإن كان الجمهور على خلافه .

                                                                                                          وقد أجاب الجمهور عن هذا الحديث بحديث جابر : كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار ، ولكن هذا الحديث عام وحديث الوضوء من لحوم الإبل خاص والخاص مقدم على العام . انتهى .

                                                                                                          قال الحافظ في التلخيص : قال البيهقي : حكى بعض أصحابنا عن الشافعي قال : إن صح الحديث في لحوم الإبل قلت به .

                                                                                                          قال البيهقي : قد صح فيه حديثان حديث جابر بن سمرة وحديث البراء ، قاله أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه . انتهى . وقال الدميري وإنه المختار المنصور من جهة الدليل . انتهى . وقال بعض علماء الحنفية في تعليقه على الموطأ للإمام محمد : ولاختلاف الأخبار في هذا الباب - أي الوضوء مما مست النار - اختلف العلماء فيه فمنهم من جعله ناقضا بل جعله الزهري ناسخا لعدم النقض ، ومنهم من لم يجعله ناقضا وعليه الأكثر ، ومنهم من قال من أكل لحم الإبل خاصة وجب عليه الوضوء وليس عليه الوضوء في غيره [ ص: 222 ] أخذا من حديث البراء وغيره ، وبه قال أحمد وإسحاق وطائفة من أهل الحديث وهو مذهب قوي من حيث الدليل قد رجحه النووي وغيره . انتهى .

                                                                                                          وأما قول من قال : إن المراد من قوله " توضئوا منها " غسل اليدين والفم لما في لحم الإبل من رائحة كريهة ودسومة غليظة بخلاف لحم الغنم فهو بعيد; لأن الظاهر منه هو الوضوء الشرعي لا اللغوي ، وحمل الألفاظ الشرعية على معانيها الشرعية واجب .

                                                                                                          وأما قول من قال إن حديث البراء وما في معناه منسوخ فهو أيضا بعيد فإن النسخ لا يثبت بالاحتمال ، وقد ذكر العلامة الموفق ابن قدامة في المغني في هذا البحث كلاما حسنا مفيدا قال : إن أكل لحم الإبل ينقض الوضوء على كل حال نيئا ومطبوخا عالما كان أو جاهلا . وبهذا قال جابر بن سمرة ومحمد بن إسحاق وإسحاق وأبو خيثمة ويحيى بن يحيى وابن المنذر وهو أحد قولي الشافعي .

                                                                                                          قال الخطابي : ذهب إلى هذا عامة أصحاب الحديث . وقال الثوري ومالك والشافعي وأصحاب الرأي لا ينقض الوضوء بحال لأنه روي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الوضوء مما يخرج لا مما يدخل وروي عن جابر قال : كان آخر الأمرين ترك الوضوء مما مست النار . رواه أبو داود ، ولنا ما روى البراء بن عازب قال : سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الإبل فقال : توضئوا منها ، وسئل عن لحوم الغنم فقال : لا يتوضأ منها . رواه مسلم وأبو داود ، وروى جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله أخرجه مسلم .

                                                                                                          وروى الإمام أحمد بإسناده عن أسيد بن حضير قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم توضئوا من لحوم الإبل ولا تتوضئوا من لحوم الغنم وروى ابن ماجه عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك .

                                                                                                          قال أحمد وإسحاق بن راهويه فيه حديثان صحيحان عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث البراء وحديث جابر بن سمرة ، وحديثهم عن ابن عباس لا أصل له وإنما هو من قول ابن عباس موقوف عليه ، ولو صح لوجب تقديم حديثنا عليه لكونه أصح منه وأخص ، والخاص يقدم على العام ، وحديثجابر لا يعارض حديثنا أيضا لصحته وخصوصه .

                                                                                                          فإن قيل فحديث جابر متأخر فيكون ناسخا . قلنا لا يصح النسخ به لوجوه أربعة :

                                                                                                          [ ص: 223 ] أحدها : أن الأمر بالوضوء من لحوم الإبل متأخر عن نسخ الوضوء مما مست النار أو مقارن له بدليل أنه قرن الأمر بالوضوء من لحوم الإبل بالنهي عن الوضوء من لحوم الغنم وهي مما مست النار .

                                                                                                          فإما أن يكون النسخ حصل بهذا النهي وإما أن يكون بشيء قبله ، فإن كان به فالأمر بالوضوء من لحوم الإبل مقارن لنسخ الوضوء مما غيرت النار فكيف يجوز أن يكون منسوخا به . ومن شرط الناسخ تأخره ، وإن كان النسخ قبله لم يجز أن ينسخ بما قبله .

                                                                                                          الثاني : أن أكل لحوم الإبل إنما نقض لكونه من لحوم الإبل لا لكونه مما مست النار . ولهذا ينقض وإن كان نيئا فنسخ إحدى الجهتين لا يثبت به نسخ الجهة الأخرى كما لو حرمت المرأة للرضاع ولكونها ربيبة فنسخ التحريم بالرضاع ولم يكن نسخا لتحريم الربيبة .

                                                                                                          الثالث : أن خبرهم عام وخبرنا خاص والعام لا ينسخ به الخاص لأن من شرط النسخ تعذر الجمع ، والجمع بين العام والخاص ممكن بتنزيل العام على ما عدا محل التخصيص .

                                                                                                          الرابع : أن خبرنا صحيح مستفيض ثبتت له قوة الصحة والاستفاضة والخصوص وخبرهم ضعيف لعدم هذه الوجوه الثلاثة فيه فلا يجوز أن يكون ناسخا له .

                                                                                                          فإن قيل : الأمر بالوضوء في خبركم يحتمل الاستحباب فنحمله عليه ويحتمل أنه أراد بالوضوء غسل اليدين لأن الوضوء إذا أضيف إلى الطعام اقتضى غسل اليد كما كان عليه السلام يأمر بالوضوء قبل الطعام وبعده ، وخص ذلك بلحم الإبل لأن فيه من الحرارة والزهومة ما ليس في غيره .

                                                                                                          قلنا : أما الأول فمخالف للظاهر من ثلاثة أوجه : أحدها : أن مقتضى الأمر الوجوب . الثاني : أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن حكم هذا اللحم فأجاب بالأمر بالوضوء منه فلا يجوز حمله على غير الوجوب لأنه يكون تلبيسا على السائل لا جوابا .

                                                                                                          الثالث : أنه عليه السلام قرنه بالنهي عن الوضوء من لحوم الغنم والمراد بالنهي هاهنا نفي الإيجاب لا التحريم فيتعين حمل الأمر على الإيجاب ليحصل الفرق .

                                                                                                          وأما الثاني فلا يصح لوجوه أربعة : أحدها : أنه يلزم منه حمل الأمر على الاستحباب فإن غسل اليد بمفرده غير واجب وقد بينا فساده .

                                                                                                          الثاني : أن الوضوء إذا جاء في لسان الشارع وجب حمله على الوضوء الشرعي دون اللغوي لأن الظاهر منه أنه إنما يتكلم بموضوعاته .

                                                                                                          [ ص: 224 ] الثالث : أنه يخرج جوابا لسؤال السائل عن حكم الوضوء من لحومها والصلاة في مباركها فلا يفهم من ذلك سوى الوضوء المراد للصلاة .

                                                                                                          الرابع : أنه لو أراد غسل اليد لما فرق بينه وبين لحم الغنم فإن غسل اليد منها مستحب ولهذا قال : من بات وفي يده ريح غمر فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه . وما ذكروه من زيادة الزهومة فأمر يسير لا يقتضي التفريق والله أعلم .

                                                                                                          ثم لا بد من دليل نصرف به اللفظ عن ظاهره ويجب أن يكون الدليل له من القوة بقدر قوة الظواهر المتروكة وأقوى منها وليس لهم دليل . انتهى كلام ابن قدامة .

                                                                                                          تنبيه : قال صاحب بذل المجهود : أخرج ابن ماجه عن أسيد بن حضير وعبد الله بن عمر ويرفعانه توضئوا من ألبان الإبل وهذا محمول عند جميع الأمة على شربها بأن يستحب له أن يمضمض ويزيل الدسومة عن فمه كذلك يستحب له إذا أكل لحم الجزور أن يغسل يده وفمه وينفي الدسومة والزهومة . انتهى كلامه .

                                                                                                          قلت : قوله هذا محمول عند جميع الأمة على شربها بأن يستحب له إلخ مبني على غفلته عن مذاهب الأمة .

                                                                                                          قال ابن قدامة : وفي شرب لبن الإبل روايتان : إحداهما ينقض الوضوء لما روى أسيد بن حضير .

                                                                                                          الثانية : لا وضوء فيه لأن الحديث إنما ورد في اللحم ، وقولهم فيه حديثان صحيحان يدل على أن لا صحيح فيه سواهما والحكم هاهنا غير معقول فيجب الاقتصار على مورد النص . انتهى كلام ابن قدامة .

                                                                                                          على أن استحباب المضمضة من شرب لبن الإبل ليس لحديث أسيد وعبد الله بن عمرو بل لحديث ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب لبنا فمضمض وقال : إن له دسما .

                                                                                                          قال الحافظ في الفتح : فيه بيان لعلة المضمضة من اللبن فيدل على استحبابها من كل شيء دسم ويستنبط منه استحباب غسل اليدين للتنظيف . انتهى .

                                                                                                          وأما حديث أسيد بن حضير وحديث عبد الله بن عمرو فضعيفان لا يصلحان للاحتجاج قال صاحب الشرح الكبير المسمى بالشافي شرح المقنع : حديث أسيد بن حضير في طريقه الحجاج بن أرطاة ، قال الإمام أحمد والدارقطني لا يحتج به ، وحديث عبد الله بن عمرو رواه ابن ماجه من رواية [ ص: 225 ] عطاء بن السائب وقد قيل عطاء اختلط في آخر عمره ، قال أحمد : من سمع منه قديما فهو صحيح ومن سمع منه حديثا لم يكن بشيء . انتهى .

                                                                                                          قلت : روى هذا الحديث عن عطاء بن السائب خالد بن يزيد بن عمر الفزاري وهو ممن رووا عنه بعد اختلاطه .

                                                                                                          قال الحافظ في مقدمة الفتح : يحصل لي من مجموع كلام الأئمة أن رواية شعبة وسفيان الثوري وزهير بن معاوية وزائدة وأيوب وحماد بن زيد عنه قبل الاختلاط وأن جميع من روى عنه غير هؤلاء فحديثه ضعيف لأنه بعد اختلاطه إلا حماد بن سلمة فاختلف قولهم فيه . انتهى .

                                                                                                          قلت : وأيضا في سند حديث عبد الله بن عمرو بقية المدلس وهو رواه عن خالد بن يزيد بالعنعنة ، فقول صاحب بذل المجهود كذلك يستحب له إذا أكل لحم الجزور أن يغسل يده وفمه إلخ ليس مما يصغى إليه .

                                                                                                          تنبيه آخر : قال صاحب بذل المجهود : ولما كان لحوم الإبل داخلة فيما مست النار وكان فردا من أفراده ونسخ وجوب الوضوء عنه بجميع أفرادها يعني بحديث جابر أنه قال : كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار . استلزم نسخ الوجوب عن هذا الفرد أيضا . انتهى .

                                                                                                          قلت : من قال بانتقاض الوضوء من أكل لحوم الإبل قال الموجب للوضوء إنما هو أكل لحوم الإبل من جهة كونها لحوم الإبل لا من جهة كونها مما مست النار ولذلك يقولون بوجوب الوضوء من أكل لحم الإبل مطلقا مطبوخا أو نيئا أو قديدا فنسخ وجوب الوضوء مما مست النار بحديث جابر المذكور لا يستلزم نسخ وجوب الوضوء من أكل لحوم الإبل فإن لحوم الإبل من جهة كونها لحوم الإبل ليست فردا من أفراد مما مست النار ألبتة وقد أوضحه ابن قدامة كما عرفت .

                                                                                                          قال الحافظ ابن القيم : وأما من يجعل لحوم الإبل هو الموجب للوضوء سواء مسته النار أو لم تمسه فيوجب الوضوء من نيئه ومطبوخه وقديده فكيف يحتج عليه بهذا الحديث . انتهى .

                                                                                                          فقول صاحب بذل المجهود ولما كان لحوم الإبل داخلة فيما مست النار وكان فردا من أفراده إلخ مبني على عدم تدبره .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن جابر بن سمرة وأسيد بن حضير ) أما حديث جابر بن سمرة فأخرجه مسلم في صحيحه عنه بلفظ : أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال : إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ ، قال أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال نعم فتوضأ من لحوم الإبل ، الحديث .

                                                                                                          [ ص: 226 ] وأما حديث أسيد بن حضير فأخرجه ابن ماجه عنه مرفوعا بلفظ لا تتوضئوا من ألبان الغنم وتوضئوا من ألبان الإبل

                                                                                                          وفي الباب أيضا عن ذي الغرة أخرجه عبد الله بن أحمد في مسند أبيه وعن عبد الله بن عمرو أخرجه ابن ماجه .

                                                                                                          وقوله : ( وقد روى الحجاج بن أرطاة عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أسيد بن حضير ) فخالف الحجاج بن أرطاة الأعمش فإنه قال عن البراء بن عازب . وقال الحجاج عن أسيد بن حضير ، وحديث الحجاج بن أرطاة أخرجه ابن ماجه ( والصحيح حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب ) فإن الأعمش الراوي عن عبد الله بن عبد الله أوثق وأحفظ من الحجاج .

                                                                                                          قال الحافظ في التلخيص : قال ابن خزيمة في صحيحه لم أر خلافا بين علماء الحديث أن هذا الخبر أي حديث البراء صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه ، وذكر الترمذي الخلاف فيه على ابن أبي ليلى هل هو عن البراء أو عن ذي الغرة أو عن أسيد بن حضير وصحح أنه عن البراء . وكذا ذكره ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه . انتهى .

                                                                                                          ( وروى عبيدة ) بضم العين وفتح الموحدة ابن المعتب بكسر المثناة الثقيلة بعدها موحدة ( الضبي ) أبو عبد الرحيم الكوفي الضرير ضعيف واختلط بأخرة ، ما له في البخاري سوى موضع واحد في الأضاحي كذا في التقريب ، وقال في الخلاصة : قال ابن عدي مع ضعفه يكتب حديثه ، علق له البخاري فرد حديث ( عن عبد الله بن عبد الله الرازي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن ذي الغرة ) أخرج حديث عبيدة هذا عبد الله بن أحمد في مسند أبيه ومداره على عبيدة الضبي وهو ضعيف كما عرفت .

                                                                                                          ( وروى حماد بن سلمة هذا الحديث عن الحجاج بن أرطاة فأخطأ فيه ) وخطؤه في مقامين .

                                                                                                          [ ص: 227 ] ( وقال عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه ) هذا هو خطؤه الأول والصحيح عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ( عن أسيد بن حضير ) هذا هو خطؤه الثاني ، والصحيح عن البراء بن عازب .

                                                                                                          ( قال إسحاق أصح ما في هذا الباب ) أي في باب الوضوء من لحوم الإبل ( حديثان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث البراء ) أي الذي أخرجه الترمذي في هذا الباب وأخرجه أيضا أبو داود وابن ماجه وابن حبان وابن الجارود وابن خزيمة ( وجابر بن سمرة ) أخرجه مسلم وتقدم لفظه .




                                                                                                          الخدمات العلمية