الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
مثل حركات المؤمن

مثل حركات المؤمن مع الحفظة مثل رجل له حرفاء في السوق ينفق ماله فيما يظهر فيه حاجة من السوق يأخذ من الخباز الخبز ومن القصاب اللحم ومن البقال الحوائج ومن الآخر الفواكه ومن البزاز ما يحتاج إليه فهم يكتبون حسابهم فإذا أهل الهلال وأخرجوا عليه حسابا جما وديوانا طويلا فإن قضى ما عليه على رأس كل شهر تخف عليه المؤونة وهنئت له النعمة [ ص: 275 ] وإن تغافل عن ذلك حتى توالت عليه وظائف الشهور والسنين غرق في الدين

كذا العبد بين نعم كثيرة وديون كثيرة والحق يقتضيه شكر كل نعمة والعدل يقتضيه الاستغفار والإنابة من كل خطيئة فإذا كان العبد منتبها حيي القلب أخذ لكل نعمة حمدا ولكل خطيئة توبة واستغفارا حتى تخف عنه السيئات وأثقال النعم ويمحي ما في الديوان

وإن تغافل عن ذلك وحمد حمد الغافلين واستغفر استغفار السكارى على العادة خرج الحمد والاستغفار منه ولم يجد مساغا لأنه ليس بقلبه طريق إلى الله تعالى والطريق مسدود بالهوى والشهوات رجع الحمد والاستغفار إلى فمه وتراكمت أثقال النعم وأدناس الذنوب على القلب فغرقته فصار القلب غريقا في الذنوب كالذي ضربنا له في المثل وكالذي يغرق في الماء ولم يجد متعلقا به ولا تخلصا يحصل به الخلاص فيغرق ويهلك فيرجع إلى أنفاسه لا يجد متنفسا فيموت غرقا ومن كان لقلبه طريق إلى الله تعالى وجد حمده واستغفاره مساغا إلى محل الحمد والاستغفار [ ص: 276 ] فوقعت في محله ومرتبته فخفت عليه الأثقال وصار كنهر وجد مساغا فجرى بسلاسة وإن لم يجد مساغا تراجع الماء فصار بحرا يغرق فيه صاحبه

التالي السابق


الخدمات العلمية