الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، ثنا سفيان ، قال : لا يصيب رجل حقيقة التقوى حتى يحيل بينه وبين الحرام حاجزا من الحلال ، وحتى يدع الإثم وما تشابه منه .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد ، ثنا سفيان بن وكيع ، ثنا سفيان بن عيينة ، قال : قال أبو حازم : لأنا من أن أمنع الدعاء أخوف من الإجابة .

              حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن ، ثنا بشر بن موسى ، ثنا الحميدي ، ثنا سفيان ، ثنا أبو موسى إسرائيل ، قال : سمعت الحسن يقول : إن العبد ليعمل الذنب فما يزال به كئيبا .

              حدثنا محمد بن بشر ، ثنا الحميدي ، ثنا سفيان ، ثنا أبو موسى إسرائيل ، قال : سمعت أبا حازم يقول : إن الرجل ليعمل الحسنة ما عمل سيئة أضر عليه منها ، وإنه ليعمل السيئة ما عمل حسنة أنفع له منها .

              حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد الكريم ، ثنا أبو زرعة ، [ ص: 289 ] عمي ، ثنا عبد الله بن محمد ، قال : سمعت ابن عيينة يقول : كان مالك بن مغول يقول لي : يا سفيان ، إن الزمان الذي يحتاج إليك إن ذاك لزمان سوء .

              حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، ثنا أبو نعيم بن عدي ، ثنا يزيد بن عبد الصمد الدمشقي ، ثنا سليمان بن أيوب ، قال : سمعت ابن عيينة يقول : شهدت ثمانين موقفا .

              حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، ثنا محمد بن موسى الحلواني ، ثنا محمد بن أيوب ، قال : سمعت سفيان بن عيينة يقول : قال لي بشر بن منصور الزاهد : يا سفيان ، أقلل من معرفة الناس ، لعله أن يكون في القيامة غدا أقل لفضيحتك إذا نودي عليك بسوء أعمالك .

              حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، ثنا أبو بكر الدهني ، ثنا محمد بن يزيد بن معاوية ، قال : سمعت ابن عيينة يقول : سمعت مساورا الوراق يقول : إنما تطيب المجالس بخفة الجلساء .

              حدثنا أبو أحمد الغطريفي ، ثنا ابن داهر الوراق ، ثنا الغلابي ، ثنا إبراهيم بن بشار ، ثنا سفيان ، عن مسعر ، أن رجلا ركب البحر فكسر به ، فوقع في جزيرة ، فمكث ثلاثة أيام لا يرى أحدا ، ولم يأكل طعاما ولا شرابا ، فتمثل فقال :


              إذا شاب الغراب أتيت أهلي وصار القار كاللبن الحليب



              فأجابه مجيب لا يراه :


              عسى الكرب الذي أمسيت فيه     يكون وراءه فرج قريب



              فنظر ، فإذا سفينة قد أقبلت ، فلوح لهم ، فحملوه فأصاب خيرا كثيرا .

              حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الله بن محمد القايني . قال : سمعت الحسين بن إبراهيم البيهقي يقول : سمعت إبراهيم بن علي الذهلي يقول : سمعت يحيى بن يحيى يقول : كنت عند سفيان بن عيينة ، إذ جاء رجل فقال : يا أبا محمد ، أشكو إليك من فلانة - يعني امرأته - أنا أذل الأشياء عندها وأحقرها . فأطرق سفيان مليا ، ثم رفع رأسه فقال : لعلك رغبت إليها لتزداد عزا . فقال : نعم يا أبا محمد . قال : من ذهب إلى العز ابتلي بالذل ، ومن ذهب إلى المال ابتلي بالفقر ، ومن ذهب إلى الدين يجمع الله له العز والمال مع الدين . ثم أنشأ يحدثه فقال : كنا إخوة أربعة ; [ ص: 290 ] محمد ، وعمران ، وإبراهيم ، وأنا ، فمحمد أكبرنا ، وعمران أصغرنا ، وكنت أوسطهم ، فلما أراد محمد أن يتزوج رغب في الحسب ، فتزوج من هي أكبر منه حسبا ، فابتلاه الله بالذل ، وعمران رغب في المال فتزوج من هي أكثر منه مالا ، فابتلاه الله بالفقر ؛ أخذوا ما في يديه ولم يعطوه شيئا ، فبقيت في أمرهما ، فقدم علينا معمر بن راشد فشاورته ، وقصصت عليه قصة إخوتي ، فذكرني حديث يحيى بن جعدة وحديث عائشة ، فأما حديث يحيى بن جعدة : قال النبي صلى الله عليه وسلم : " تنكح المرأة على أربع : على دينها ، وحسبها ، ومالها ، وجمالها ، فعليك بذات الدين تربت يداك " . وحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " أعظم النساء بركة أيسرهن مؤنة " . فاخترت لنفسي الدين وتخفيف الظهر ؛ اقتداء بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فجمع الله لي العز والمال مع الدين .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت إبراهيم بن سعيد يقول : سمعت سفيان بن عيينة يقول : الإيمان قول وعمل ، فقيل له : يزيد وينقص ؟ فقال : نعم ، حتى لا يبقى مثل هذا . ورفع شيئا من الأرض ، وقرأ : ( فزادتهم إيمانا ) .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، قال : سمعت محمد بن عمرو الباهلي يقول : سمعت سفيان بن عيينة يقول : كنت أخرج إلى المسجد فأتصفح الخلق ، فإذا رأيت مشيخة وكهولا جلست إليهم ، وأنا اليوم قد اكتنفني هؤلاء الصبيان . ثم أنشد :


              خلت الديار فسدت غير مسود     ومن الشقاء تفردي بالسؤدد

              .

              حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر غندر ، قال : سمعت محمد بن جعفر بن سهل العسكري يقول : سمعت العباس الترقفي يقول : خرج علينا سفيان بن عيينة يوما فنظر إلى أصحاب الحديث فقال : أفيكم أحد من أهل مصر ؟ فقالوا : نعم . فقال : ما فعل فيكم الليث بن سعد ؟ فقالوا : توفي . فقال : أفيكم أحد من أهل الرملة ؟ فقالوا : نعم . فقال : ما فعل ضمرة بن ربيعة الرملي ؟ قالوا : توفي . قال : هل فيكم أحد من أهل حمص ؟ قالوا : نعم . قال : ما فعل بقية بن الوليد ؟ [ ص: 291 ] قالوا : توفي . قال : هل فيكم أحد من أهل دمشق ؟ قالوا : نعم . قال : ما فعل الوليد بن مسلم ؟ قالوا : توفي . فقال : هل فيكم أحد من أهل قيسارية ؟ قالوا : نعم . فقال : ما فعل محمد بن يوسف الفريابي ؟ قالوا : توفي . قال : فبكى طويلا ثم أنشد يقول : -


              خلت الديار فسدت غير مسود     ومن الشقاء تفردي بالسؤدد

              .

              حدثنا أحمد بن محمد بن موسى ، ثنا أبو بكر بن دريد ، ثنا الحسن بن الفرج ، ثنا يحيى بن يونس ، قال : قال سفيان بن عيينة : سئل علي عن قول الله عز وجل : ( إن الله يأمر بالعدل والإحسان ) قال : العدل : الإنصاف ، والإحسان : التفضل ، وسئل : لأي شيء سمى الله عز وجل نفسه المؤمن ؟ قال : يؤمن عذابه بالطاعة .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدثني أبي ، ثنا سهل بن عبد الله ، ثنا بعض أصحابنا ، ثنا أبو توبة الربيع بن نافع ، قال : قال سفيان بن عيينة : قال عمر لعبد الله بن أرقم : أقسم بيت المال في كل شهر ، لا بل في كل جمعة ، فقال رجل - وهو طلحة - : يا أمير المؤمنين ، لو حبست شيئا بعده عسى أن يأتيك أمر يحتاج إليه ، فلو تركت عدة لنائبة إن نابت المسلمين . فقال عمر : كلمة ألقاها الشيطان على لسانك ، لقاني الله حجتها ، ووقاني فتنتها ، لتكونن فتنة لقوم بعدي ، أعصي الله العام مخافة عام قابل ؟ بل أعد لهم ما أعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يقول الله : ( ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ) .

              حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثني أبي ، ثنا سهل بن عبد الله ، ثنا بعض أصحابنا ، ثنا أبو توبة الربيع ، قال : سئل سفيان عن قوله : ( لقد أنزلنا إليكم كتابا فيه ذكركم أفلا تعقلون ) قال : أنزل عليه القرآن بمكارم الأخلاق ، فهم الذين كانوا يشرفون بها ، ويفضل بعضهم بعضا بها ، من حسن الجوار ، ووفاء بالعهد ، وصدق الحديث ، وأداء الأمانة ، فقال : إنما جاءكم محمد صلى الله عليه وسلم بمكارم أخلاقكم التي كنتم بها تشرفون وتعظمون ، انظروا هل جاء بشيء مما كنتم تعيبون من الأخلاق القبيحة التي كنتم تعيبونها ؟ فلم يقبح القبيح ، ولم يحسن الحسن . وقال الحسن بن أبي الحسن : أمسك عليكم دينكم أخلاق القرآن . وقال مجاهد : [ ص: 292 ] ( ورفعنا لك ذكرك ) قال : لا أذكر إلا ذكرت معي ؛ أشهد أن لا إله إلا الله ، وأشهد أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم .

              حدثنا محمد بن محمد بن عبيد الله الجرجاني ، ثنا عبد الله بن جعفر الخاقاني ، ثنا خلف بن عمرو العكبري ، ثنا سعيد بن منصور ، قال : قدم سفيان بن عيينة مكة وفيها رجل من آل المنكدر يفتي ، فقعد سفيان يفتي ، فقال المنكدري : ترى من هذا الذي قدم بلادنا يفتي ؟ فكتب إليه سفيان بن عيينة : حدثني عمرو بن دينار ، عن ابن عباس قال : مكتوب في التوراة : عدوي الذي يعمل عملي . فكف عنه المنكدري .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية