الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 650 ] ثم دخلت سنة ثمانين ومائتين من الهجرة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      في المحرم منها قتل المعتضد رجلا من أمراء الزنج كان قد لجأ إليه بالأمان ويعرف بشيلمة ذكر له أنه كان يدعو إلى رجل لا يعرف من هو وقد أفسد جماعة فاستدعى به فقرره فلم يقر ، وقال : لو كان تحت قدمي ما أقررت به . فأمر به فشد على عمود خيمة ثم لوحه على النار حتى تساقط جلده عن عظامه ، ثم أمر بضرب عنقه وصلبه لسبع خلون من المحرم . وفي أول صفر ركب المعتضد بالله أبو العباس بن الموفق من بغداد قاصدا بني شيبان من أرض الموصل فأوقع بهم بأسا شديدا عند جبل يقال له توباذ . وكان مع المعتضد حاد جيد الحداء فقال في تلك الليالي يحدو للمعتضد :


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فأجهشت للتوباذ حين رأيته وهللت للرحمن حين رآني     وقلت له أين الذين عهدتهم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      بظلك في أمن ولين زماني     فقال مضوا واستخلفوني مكانهم
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ومن ذا الذي يبقى على الحدثان

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قال : فتغرغرت عينا المعتضد ، وقال : من ذا الذي يبقى على الحدثان .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 651 ] وفي هذه السنة أمر المعتضد بتسهيل عقبة حلوان فغرم عليها عشرين ألف دينار وكان الناس يلقون منها شدة عظيمة ، وفيها ‍وسع المعتضد جامع المنصور بإضافة دار المنصور إليه ، وغرم عليه عشرين ألف دينار ، وكانت الدار قبلية فبناها مسجدا على حدة وفتح بينهما سبعة عشر بابا وحول المنبر والمحراب إلى المسجد ليكون في قبلة الجامع على عادته . قال الخطيب : وزاد بدر مولى المعتضد المسقطات من قصر المنصور المعروفة بالبدرية ، في هذا الوقت .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية