الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          792 حدثنا هارون بن إسحق الهمداني حدثنا عبدة بن سليمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في العشر الأواخر من رمضان ويقول تحروا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان وفي الباب عن عمر وأبي بن كعب وجابر بن سمرة وجابر بن عبد الله وابن عمر والفلتان بن عاصم وأنس وأبي سعيد وعبد الله بن أنيس وأبي بكرة وابن عباس وبلال وعبادة بن الصامت قال أبو عيسى حديث عائشة حديث حسن صحيح وقولها يجاور يعني يعتكف وأكثر الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر أنها ليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين وآخر ليلة من رمضان قال أبو عيسى قال الشافعي كأن هذا عندي والله أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجيب على نحو ما يسأل عنه يقال له نلتمسها في ليلة كذا فيقول التمسوها في ليلة كذا قال الشافعي وأقوى الروايات عندي فيها ليلة إحدى وعشرين قال أبو عيسى وقد روي عن أبي بن كعب أنه كان يحلف أنها ليلة سبع وعشرين ويقول أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعلامتها فعددنا وحفظنا وروي عن أبي قلابة أنه قال ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر حدثنا بذلك عبد بن حميد أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة بهذا

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( يجاور ) أي يعتكف ( في العشر الأواخر ) بكسر الخاء المعجمة جمع الأخرى ، وقال في المصابيح : لا يجوز أن يكون جمع آخر ، والمعنى : كان يعتكف في الليالي العشر الأواخر من رمضان ( تحروا ) أي اطلبوا . قال في النهاية : أي تعمدوا طلبها فيها ، والتحري القصد والاجتهاد في الطلب والعزم على تخصيص الشيء بالفعل والقول ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وفي الباب عن عمر -رضي الله عنه ) أخرجه ابن أبي شيبة ( وأبي بن كعب ) أخرجه مسلم والترمذي ( وجابر بن سمرة ) بلفظ : رأيت ليلة القدر فأنسيتها فاطلبوها في العشر الأواخر وهي ليلة ريح ومطر ورعد ، أخرجه الطبراني ( وجابر بن عبد الله ) لينظر من أخرجه ( وابن عمر ) أخرجه الشيخان وغيرهما ( والفلتان ) بفتح الفاء واللام المفتوحة وبالتاء المثناة من فوق ثم ألف ثم نون ( ابن عاصم ) الجرمي ويقال المنقري والصواب الأول ، قال أبو عمرو هو خال كليب بن شهاب الجرمي والد عاصم بن كليب يعد في الكوفيين ، كذا في شرح الترمذي لأبي الطيب ( وأنس ) أخرجه الديلمي في الفردوس ( وأبي سعيد ) أخرجه الشيخان وغيرهما ( وعبد الله بن أنيس ) بضم الهمزة مصغرا أخرجه أبو داود ( وأبي بكرة ) أخرجه الترمذي ( وابن عباس ) أخرجه البخاري وأبو داود وأحمد ( وبلال ) أخرجه أحمد بلفظ : أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال " ليلة القدر ليلة أربع وعشرين ) ( وعبادة بن الصامت ) أخرجه البخاري .

                                                                                                          قوله : ( حديث عائشة حديث حسن صحيح ) وأخرجه البخاري ومسلم ( وأكثر [ ص: 424 ] الروايات عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : التمسوها في العشر الأواخر في كل وتر ) فالأرجح والأقوى أن كون ليلة القدر منحصرة في رمضان ثم في العشر الأخير منه ثم في أوتاره لا في ليلة منه بعينها .

                                                                                                          قال الحافظ ابن حجر في الفتح : وهذا هو الذي يدل عليه مجموع الأخبار الواردة فيها وقال : قد اختلف العلماء في ليلة القدر اختلافا كثيرا وتحصل لنا من مذاهبهم في ذلك أكثر من أربعين قولا ثم ذكر هذه الأقوال ثم قال : وأرجحها كلها أنها في وتر من العشر الأخير وأنها تنتقل كما يفهم من أحاديث الباب ، وأرجاها أوتار العشر ، وأرجى أوتار العشر عند الشافعية ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين ، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( قال الشافعي : كان هذا عندي -والله أعلم- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يجيب على نحو ما يسأل عنه إلخ ) قد اعترض علي القاري في المرقاة على كلام الشافعي هذا ولفظه فيه أنه ما يحفظ حديث ورد بهذا اللفظ فكيف يحمل عليه جميع ألفاظ النبوة ، انتهى .

                                                                                                          قوله : ( وقد روي عن أبي بن كعب ) رواه الترمذي في هذا الباب ( وروي عن أبي قلابة أنه قال : ليلة القدر تنتقل في العشر الأواخر ) ونص عليه مالك والثوري وأحمد وإسحاق ، وزعم الماوردي أنه متفق عليه ، وكأنه أخذه من حديث ابن عباس أن الصحابة اتفقوا على أنها في العشر الأخير ثم اختلفوا في تعيينها ، قاله الحافظ .

                                                                                                          [ ص: 425 ]



                                                                                                          الخدمات العلمية