الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
              صفحة جزء
              365 - صالح بن بشير المري .

              ومنهم القارئ الدري ، والواعظ التقي ، أبو بشر صالح بن بشير المري ، صاحب قراءة وشجن ، ومخافة وحزن ، يحرك الأخيار ، ويفرك الأشرار .

              حدثنا أبو بكر أحمد بن السندي ، ثنا محمد بن العباس المؤدب ، ثنا خالد بن خداش ، ثنا صالح المري . قال : يا عجبا لقوم أمروا بالزاد ، وأذنوا بالرحيل ، وحبس أولهم على آخرهم ، وهم يلعبون .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدثني عبد الله بن عبد الوهاب ، عن محمد بن زكريا ، ثنا الحسن بن حسان ، قال : كنا يوما عند صالح المري ، وهو يتكلم ويعظ ، فقال لرجل حدث بين يديه : اقرأ يا بني ، فقرأ الرجل : ( وأنذرهم يوم الآزفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع ) ، [ ص: 166 ] فقطع عليه صالح القراءة ، فقال : وكيف يكون للظالمين حميم أو شفيع والطالب له رب العالمين ؟ إنك والله لو رأيت الظالمين وأهل المعاصي يساقون في السلاسل والأغلال إلى الجحيم ؛ حفاة عراة مسودة وجوههم ، مزرقة عيونهم ذائبة أجسامهم ، ينادون : يا ويلاه يا ثبوراه ! ! ماذا نزل بنا ؟ ماذا حل بنا ؟ أين يذهب بنا ؟ ماذا يراد منا ؟ والملائكة تسوقهم بمقامع النيران ، فمرة يجرون على وجوههم ويسحبون عليها متكئين ، ومرة يقادون إليها عنتا مقرنين ، من بين باك دما بعد انقطاع الدموع ، ومن بين صارخ طائر القلب مبهوت ، إنك والله لو رأيتهم على ذلك لرأيت منظرا لا يقوم له بصرك ، ولا يثبت له قلبك ، ولا يستقر لفظاعة هوله على قرار قدمك . ثم نحب وصاح يا سوء منظراه ! ويا سوء منقلباه ! وبكى وبكى الناس ، فقام شاب به تأنيث ، فقال : أكل هذا في القيامة يا أبا بشر ؟ قال : نعم ، والله يا ابن أخي ، وما هو أكبر من ذلك ! ! لقد بلغني أنهم يصرخون في النار حتى تنقطع أصواتهم ، فلا يبقى منها إلا كهيئة الأنين من المدنف ، فصاح الفتى : إنا لله واغفلتاه عن نفسي أيام الحياة ! ويا أسفى على تفريطي في طاعتك يا سيداه ! واأسفاه على تضييع عمري في دار الدنيا ! ثم بكى واستقبل القبلة ، ثم قال : اللهم إني أستقبلك في يومي هذا بتوبة لك لا يخالطها رياء لغيرك ، اللهم فاقبلني على ما كان مني ، واعف عما تقدم من عملي ، وأقلني عثرتي ، وارحمني ومن حضرني ، وتفضل علينا بجودك أجمعين يا أرحم الراحمين ، لك ألقيت معاقد الآثام من عنقي ، وإليك أنبت بجميع جوارحي صادقا بذلك قلبي ، فالويل لي إن أنت لم تقبلني ، ثم غلب فسقط مغشيا عليه ، فحمل من بين القوم صريعا يبكون عليه ويدعون له . وكان صالح كثيرا ما يذكره في مجلسه يدعو الله له ، ويقول : بأبي قتيل القرآن ، بأبي قتيل المواعظ والأحزان ، فرآه رجل في منامه ، فقال : ما صنعت ؟ قال : عمتني بركة مجلس صالح ، فدخلت في سعة رحمة الله التي وسعت كل شيء . قال : وكنا في مجلس صالح المري فأخذ في الدعاء فمر رجل مخنث ، فوقف يسمع الدعاء ، ووافق صالحا يقول : اللهم اغفر لأقسانا قلبا ، وأجمدنا عينا ، وأحدثنا بالذنوب عهدا ، فسمع المخنث [ ص: 167 ] فمات فرئي في المنام ، فقيل له : ما فعل الله بك ؟ قال : غفر الله لي ، قيل بماذا ؟ قال : بدعاء صالح المري ، لم يكن في القوم أحد أحدث عهدا بالمعصية مني ، فوافقت دعوته الإجابة فغفر لي .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق الثقفي ، ثنا حاتم بن الليث الجوهري ، ثنا علي بن عبد الله المديني . قال : قال عبد الرحمن بن مهدي : جلست مع سفيان الثوري في مسجد صالح المري ، فتكلم صالح فرأيت سفيان الثوري يبكي ، وقال : ليس هذا بقاص هذا نذير قوم .

              حدثنا إبراهيم ، ثنا محمد الجوهري ، ثنا خلف بن الوليد ، . قال : كان صالح المري إذا قص قال : هات جونة المسك والترياق المجرب - يعني القرآن - فلا يزال يقرأ ويدعو ويبكي حتى ينصرف .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الملك ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا حاتم بن الليث ، ثنا عفان بن مسلم . قال : كنا نأتي مجلس صالح المري نحضره وهو يقص ، فكان إذا أخذ في قصصه كأنه رجل مذعور ، يذعرك أمره من حزنه ، وكثرة بكائه كأنه ثكلى ، وكان شديد الخوف من الله كثير البكاء .

              حدثنا أبي ، ثنا أبو الحسن بن أبان ، ثنا أبو بكر بن سفيان ، ثنا محمد بن الحسين ، ثنا عبد الله بن محمد ، قال : سمعت صالحا المري ، يقول في كلامه : ألم تر كالغير عواقب فعلهم ؛ أو لم تحرك الفكر على التنبيه لمصيرهم ؟ بلى ، والله لقد بان لك ذلك ولكنك شبت علمك بالغفلة ، وأنت أولى من غيرك مما صنعت من نفسك ، قال : ثم بكى وبكى الناس .

              حدثنا أبي ، ثنا أبو الحسن ، ثنا أبو بكر ، ثنا محمد بن الحسين ، ثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي . قال : سمعت صالحا المري ، يقول : للبكاء دواع بالفكرة في الذنوب ، فإن أجابت على ذلك القلوب وإلا نقلتها إلى الموقف وتلك الشدائد والأهوال ، فإن أجابت وإلا فاعرض عليها التقلب بين أطباق النيران ، قال : ثم بكى وغشي عليه وتصايح الناس .

              حدثنا محمد بن أحمد بن عمر ، ثنا أبي ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، ثنا محمد [ ص: 168 ] بن الحسين ، ثنا بشر بن ميمون النجدي . قال : سمعت صالحا المري ، يقول في كلامه : وكيف تقر بالدنيا عين من عرفها ؟ قال : ثم يبكي ويقول : خلفة الماضين ، وبقية المتقدمين ، رحلوا أنفسكم عنها قبل الرحيل ، فكأن الأمر قريب نزل بكم .

              حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا أبي ، ثنا عبد الله ، حدثني محمد بن الحسين ، ثنا أحمد بن إسحاق الحضرمي ، قال : سمعت صالحا المري ، يتمثل بهذا البيت في قصصه عند الأخذة :


              وغائب الموت لا ترجون رجعته إذا ذووا غيبة من سفرة رجعوا



              قال : ثم يبكي ويقول : هو والله السفر البعيد ، فتزودوا لمراحله ؛ ( فإن خير الزاد التقوى ) . واعلموا أنكم في مثل أمنيتهم فبادروا الموت ، واعملوا له قبل حلوله ، ثم يبكي .

              حدثنا إبراهيم بن عبد الله ، ثنا محمد بن إسحاق ، ثنا ابن زنجويه ، ثنا يزيد بن خالد أبو المهلب ، عن أبيه ، عن صالح المري ، قال : دفعت إلي صحيفة في المنام فيها - : ما تخوفت عواقبه ، فوطن نفسك على أن تجتنبه .

              حدثنا إبراهيم ، ثنا محمد ، ثنا عبد الله بن محمد ، ثنا أبو إبراهيم الترجماني ، عن صالح المري أبي بشر . قال : قال لي في منامي قائل : إذا أحببت أن يستجاب لك فقل : اللهم إني أسألك باسمك المخزون المكنون المبارك الطهر الطاهر المطهر المقدس . قال : فما دعوت به في شيء إلا تعرفت الإجابة ! ! .

              حدثنا إبراهيم ، ثنا محمد ، حدثني أبو الحسن الباهلي ، قال : سمعت ابن عائشة ، يقول : كان صالح المري ، يقول : في دعائه : اللهم إني أسألك خوفا غير ناهض ولا قاطع ، خوفا حاجزا عن معصيتك ، مقويا على طاعتك ، وأسألك صبرا على طاعتك وصبرا عن معصيتك .

              حدثنا إبراهيم بن محمد ، ثنا عبيد الله بن جرير بن جبلة ، حدثني عمي عباد بن جرير وغيره من المشايخ . قال : كنا نجلس إلى صالح المري فكان أول ما يبتدئ فيقول : الحمد لله ؛ فإذا أعين الناس قد سالت .

              حدثنا إبراهيم ، ثنا محمد ، ثنا سوار بن عبد الله العنبري ، ثنا أبي ، عن صالح ، [ ص: 169 ] قال : وقفت في دار المرزباني حين خربت فعرضت لي فيها بضع عشرة آية : ( فتلك مساكنهم لم تسكن من بعدهم إلا قليلا ( ، ( كم تركوا من جنات وعيون ) وما أشبه ذلك ، قال : فإني أقرأ إذ خرج علي أسود من ناحيتها ، فقال : يا عبد الله ، هذه سخطة مخلوق على مخلوق ، فكيف بسخطة الخالق ؟ قال : ثم ذهب فأتبعته فلم أر أحدا .

              حدثنا إبراهيم ، ثنا محمد الجوهري ، ثنا غسان أبو معاوية الغلابي . قال : كان كلام صالح المري يقطع القلب ، ولو قلت : إني لم أر رجلا محزونا مثله ، وما سمعت كلام رجل قط أحسن منه .

              حدثنا محمد بن أحمد بن عمر ، ثنا أبي ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبيد ، ثنا عبد الرحيم بن يحيى الديلمي ، حدثني عثمان بن عمارة ، عن صالح المري . قال : قدم علينا ابن السماك مرة . فقال : أرني بعض عجائب عبادكم ؟ فذهبت به إلى رجل في بعض الأحياء في خص له ، فاستأذنا عليه فدخلنا ، فإذا رجل يعمل خوصا له فقرأت : ( إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون في الحميم ثم في النار يسجرون ) . فشهق الرجل شهقة ، فإذا هو قد يبس مغشيا عليه ، فخرجنا من عنده وتركناه على حاله . وذهبنا إلى آخر فاستأذنا عليه . فقال : ادخلوا إن لم تشغلونا عن ربنا ، فدخلنا ، فإذا رجل جالس في مصلى له فقرأت : ( ذلك لمن خاف مقامي وخاف وعيد ) فشهق شهقة فبدر الدم من منخره ، ثم جعل يتشحط في دمه حتى يبس ، فخرجنا من عنده وتركناه على حاله ، حتى أدرته على ستة أنفس ، كل نخرج من عنده وهو على هذه الحالة ، ثم أتيت به السابع ، فاستأذنت ، فإذا امرأة له من وراء الخص تقول : ادخلوا ، فدخلنا فإذا شيخ فان جالس في مصلاه ، فسلمنا فلم يعقل سلامنا ، فقلت بصوت عال : إن للحق غدا مقاما . فقال الشيخ : بين يدي من ويحك ؟ ثم بقي مبهوتا فاتحا فاه شاخصا بصره يصيح بصوت له ضعيف حتى انقطع . فقالت امرأته : اخرجوا عنه فإنكم ليس تنتفعون به الساعة ، فلما كان بعد ذلك سألت عن القوم ؟ فإذا ثلاثة قد أفاقوا وثلاثة قد لحقوا بالله - عز وجل - وأما الشيخ فإنه مكث عن ثلاثة أيام على حالته مبهوتا متحيرا ، لا يؤدي [ ص: 170 ] فرضا فلما كان بعد الثلاثة عقل .

              حدثنا محمد بن أحمد بن النضر ، والوليد بن أحمد ، قالا : ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، ثنا محمد بن يحيى بن عمر الواسطي ، ثنا محمد بن الحسين ، ثنا حكيم بن جعفر السعدي . قال : سمعت صالحا يقول : دخلت المقابر يوما في شدة الحر ، فنظرت إلى القبور خامدة كأنهم قوم صموت ، فقلت : سبحان من يجمع بين أرواحكم وأجسادكم بعد افتراقها ، ثم يحييكم وينشركم من بعد طول البلى ، قال : فنادى مناد من بين تلك الحفر : يا صالح ، ( ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض إذا أنتم تخرجون ) . فسقطت والله لوجهي جزعا من ذلك الصوت .

              حدثنا محمد بن أحمد ، والوليد بن أحمد ، قالا : ثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم ، ثنا محمد بن يحيى ، ثنا عبيد الله بن محمد التيمي ، ثنا صالح المري . قال : أصاب أهلي ريح الفالج ، فقرأت عليها القرآن ففاقت ، فحدثت به غالبا القطان فقال : وما تعجب من ذلك ؟ والله لو أنك حدثتني أن ميتا قرئ عليه القرآن فحيي ، ما كان ذلك عندي عجبا .

              حدثنا أبو بكر بن مالك ، ثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، قال : وجدت في كتاب أبي ، ثنا أبو معاوية الغلابي ، ثنا صاحب لي عن أبي السائب العبدي ، قال : أتانا صالح المري فدخل علينا ، فقلت : من أين أقبلت يا أبا بشر ؟ قال : أقبلت من منزلي أخوض المواضع حتى صرت إليكم ، مررت بدار فلان ، فنادتني : يا صالح ، خذ موعظتك مني فقد نزلني فلان فارتحل ، ونزلني فلان فارتحل ، فقربت بدار فلان فنادتني : يا صالح ، خذ موعظتك مني ، نزلني فلان فارتحل ، ونزلني فلان فارتحل ، فجعل يعدد الدور دارا دارا حتى وصل إلينا .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا عبد الله بن محمد بن العباس ، ثنا سلمة بن شبيب ، ثنا داود بن المحبر ، حدثني صالح المري ، حدثني زياد النميري - منذ زمن طويل - قال : أتاني آت في منامي ، فقال : قم يا زياد إلى عادتك من التهجد وحظك من قيام الليل ، فهي والله خير لك من نومة توهن بدنك ، ويتكسر لها [ ص: 171 ] قلبك ؛ فاستيقظت فزعا ثم غلبني والله النوم ، فأتاني ذلك أو غيره ، فقال : قم يا زياد ، فلا خير في الدنيا إلا للعابدين . قال : فوثبت فزعا .

              حدثنا أبو محمد بن حيان ، ثنا إسحاق بن إبراهيم ، ثنا أحمد بن أبي الحواري ، ثنا أبو سعيد البراقعي ، ثنا عبيد الله بن زحر أبو محمد الحداد ، عن صالح المري ، عن حوشب ، عن الحسن ، قال : تفقدوا الحلاوة في ثلاث ؛ في الصلاة ، وفى القرآن ، وفي الذكر . فإن وجدتموها فامضوا وأبشروا ، فإن لم تجدوها فاعلم أن بابك مغلق .

              حدثنا عثمان بن محمد العثماني ، ثنا محمد بن أحمد البغدادي ، ثنا أحمد بن محمد بن مسروق ، ثنا محمد بن الحسين ، ثنا عمار بن عثمان الحلبي . قال : سمعت صالحا ، يقول : ما بينك وبين أن ترى لله عليك فيما تحب إلا أن تعمل فيما بينك وبين خلقه فيما يحب ، فحينئذ لا تفقد بره ولا تعدم في كل أمر خيره .

              حدثنا محمد بن أحمد بن عمر ، ثنا أبي ، ثنا عبد الله بن محمد ، ثنا زياد بن أيوب ، ثنا سعيد بن عامر ، قال : كان صالح المري يدعو : " اللهم ارزقنا صبرا على طاعتك ، وارزقنا صبرا عند عزائم الأمور .

              حدثنا أبي ، ثنا أبو الحسن بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، ثنا خالد بن خداش ، قال : قال لنا صالح المري : لو كان الصبر حلوا ما قال الله - عز وجل - لنبيه - صلى الله عليه وسلم - : اصبر ، ولكن قال له : اصبر فإن الصبر مر .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا أحمد بن الحسن بن هارون البغدادي ، ثنا إسماعيل بن زياد الأيلي ، ثنا عبد الله بن بكر السهمي ، عن صالح . قال : أراد قوم سفرا فاستصحبهم فتى شاب ، فمات الشاب في طريقهم ، فجردوه من ثيابه ليغسلوه ، فوجدوا على قدميه كتابا من نور مكتوبا : أحسنوا غسله فإنه صلى على جنازة فغفر له .

              حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن سلم ، ثنا عبد الله بن عبد الرحمن ، ثنا زكريا بن يحيى ، ثنا الأصمعي . قال : شهدت صالحا المري عزى رجلا على أبيه ، فقال له : لئن كانت مصيبتك لم تحدث لك موعظة في نفسك ؟ فمصيبتك [ ص: 172 ] بأبيك جلل في مصيبتك في نفسك ، فإياها فابك ! ! .

              حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد المؤدب ، ثنا أحمد بن محمد بن عمر بن أبان ، ثنا أبو بكر بن عبيد ، حدثني محمد بن الحسين ، ثنا داود بن المحبر ، ثنا صالح المري ، قال : تلا الحسن : ( وقيل من راق وظن أنه الفراق والتفت الساق بالساق ) . قال : هما والله ساقاك إذا التفتا .

              حدثنا محمد ، ثنا أحمد ، ثنا أبو بكر ، ثنا فريح الرقاشي ، قال : سمعت صالحا ، يقول لابنه وهو يقرأ : هات مهيج الأحزان ، ومذكر الذنوب العظام .

              حدثنا محمد بن أحمد ، ثنا أحمد ، ثنا أبو بكر ، حدثني محمد بن الحسين ، حدثني شعيب بن محرز ، ثنا صالح . قال : لما مات عطاء السليمي حزنت عليه حزنا شديدا فرأيته في منامي فقلت : يا أبا محمد ، ألست في زمرة الموتى ؟ قال : بلى ، قلت : فماذا صرت إليه بعد الموت ؟ فقال : صرت والله إلى خير كثير ، ورب غفور شكور . قال : قلت : أما والله لقد كنت طويل الحزن في دار الدنيا . قال : فتبسم وقال : أما والله يا أبا بشر ، لقد أعقبني ذلك راحة طويلة وفرحا دائما . قلت : ففي أي الدرجات أنت ؟ قال ، أنا ( مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ) .

              حدثنا أبي ، ثنا أبو الحسن بن أبان ، ثنا عبد الله بن محمد بن سفيان ، حدثني إسماعيل بن إبراهيم ، حدثني صالح ، عن مالك بن دينار . قال : قرأت في الحكم أن الله تعالى يقول : أنا ملك الملوك ، قلوب الملوك بيدي ، فمن أطاعني جعلتهم عليه رحمة ، ومن عصاني جعلتهم عليه نقمة ، فلا تشغلوا أنفسكم بسب الملوك ، ولكن توبوا إلي أعطفهم عليكم .

              حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن سلم ، ثنا أحمد بن علي الأبار ، ثنا إبراهيم بن سعيد . قال : سمعت خالد بن خداش ، يقول : ذكر لحماد بن زيد حديث عن صالح المري ، في فضل القرآن ، فقال : كان صالح صاحب قرآن ، فلعله سمعه ولم أسمعه أنا . [ ص: 173 ] أسند صالح عن الحسن ، وثابت ، وقتادة ، وبكر بن عبد الله المزني ، ومنصور بن زاذان ، وجعفر بن زيد ، ويزيد الرقاشي ، وميمون بن سياه ، وأبان بن أبي عياش ، ومحمد بن زياد ، وهشام بن حسان ، والجريري ، وقيس بن سعد ، وخليد بن حسان في آخرين .

              حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم ، ثنا أبو علي الحسن بن حمدان بن داود الأنماطي - وكان من العباد - ثنا يوسف بن سعيد بن مسلم ، ثنا عمرو بن حمزة ، ثنا صالح ، عن الحسن ، عن أنس . قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن الحكمة تزيد الشريف شرفا ، وترفع العبد المملوك حتى تجلسه مجالس الملوك " . غريب من حديث الحسن ، تفرد به عمرو عن صالح .

              حدثنا محمد بن علي بن حبيش ، ثنا أحمد بن القاسم بن مساور ، ثنا أبو إبراهيم الترجماني ، ثنا صالح بن بشير المري أبو بشر . قال : سمعت الحسن ، يحدث عن أنس ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن ربه - عز وجل - قال : " أربع خصال ؛ واحدة فيما بيني وبينك ، وواحدة فيما بينك وبين عبادي ، وواحدة لي ، وواحدة لك . فأما التي لي : فتعبدني لا تشرك بي شيئا ، وأما التي لك علي : فما عملت من خير جزيتك به ، وأما التي بيني وبينك : فمنك الدعاء وعلي الإجابة ، وأما التي بينك وبين عبادي : ترضى لهم ما ترضى لنفسك " . غريب من حديث الحسن ، تفرد به عنه صالح مرفوعا .

              حدثنا عبد الله بن جعفر ، ثنا معبد ، ثنا عبد الله بن محمد بن النعمان ، وثنا عبد الرحمن بن المبارك العبسي ، قالا : ثنا صالح المري ، ثنا ثابت البناني ، عن أنس بن مالك . قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " عمار مساجد الله - وقال العبسي : عمار بيوت الله - هم أهل الله ، هم أهل الله " .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا إبراهيم بن هاشم ، ثنا سعيد بن أبي الربيع السمان ، ثنا صالح المري ، عن ثابت البناني ، وميمون بن سياه ، وجعفر بن زيد ، عن أنس بن مالك . قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " من صلى الغداة فهو في ذمة الله ، فإياكم أن يطلبكم الله بشيء من ذمته " .

              [ ص: 174 ] حدثنا أبي ، ثنا أحمد بن محمد بن سعيد المروزي - بالبصرة - ثنا ذياد بن أيوب ، ثنا زيد بن الحباب ، حدثني صالح المري ، عن قتادة ، عن زرارة بن أبي أوفى ، عن ابن عباس . قال : قال رجل : يا رسول الله ، أي العمل أفضل ؟ قال : " عليك بالحال المرتحل ، قال : وما الحال المرتحل ؟ قال : صاحب القرآن يضرب من أوله حتى يبلغ آخره ، ويضرب في آخره حتى يبلغ أوله كلما حل ارتحل " . غريب من حديث قتادة لم يروه عنه فيما أرى إلا صالح .

              حدثنا محمد بن الفتح ، ثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز ، ثنا صالح بن مالك ، حدثنا صالح المري . قال : سأل رجل بكر بن عبد الله وأنا عنده عن تلبية النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدث عن عبد الله بن عمر ، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا لبى قال : " لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك " .

              حدثنا أبو بكر بن خلاد ، ثنا الحارث بن أبي أسامة ، ثنا داود بن المحبر ، ثنا صالح المري ، عن جعفر بن زيد ، عن أنس بن مالك ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يؤتى بابن آدم يوم القيامة فيوقف بين كفتي الميزان ويوكل به ملك ، فإن ثقل ميزانه نادى الملك بصوت يسمع الخلائق : سعد فلان سعادة لا يشقى بعدها أبدا ، وإن خف ميزانه نادى الملك بصوت يسمع الخلائق : شقي فلان شقاوة لا يسعد بعدها أبدا " . تفرد به داود عن صالح عن جعفر ، وروي عن داود عن صالح عن ثابت ، ومنصور بن زاذان عن أنس .

              حدثنا القاضي أبو أحمد ، ثنا محمد بن أحمد بن راشد ، ثنا إسماعيل بن أبي الحارث ، ثنا داود بن المحبر ، ثنا صالح المري ، عن ثابت ، ومنصور بن زاذان ، عن أنس ، يرفعه . قال : " يؤتى بالعبد يوم القيامة فيوقف بين كفتي الميزان " . فذكره .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أحمد بن القاسم بن مساور ، ثنا إسماعيل بن عيسى القناديلي ، ثنا صالح المري ، عن جعفر بن زيد ، وميمون بن سياه ، عن أنس بن مالك . قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " ما من صباح ولا رواح إلا وبقاع الأرض تنادي بعضها بعضا : يا جارة ، هل مر بك اليوم عبد صالح [ ص: 175 ] صلى عليك أو ذكر الله ؟ فإن قالت : نعم ، رأت لها بذلك فضلا " . غريب من حديث صالح ، تفرد به إسماعيل .

              حدثنا أبو محمد محمد بن الحسن بن بندار بن هرمز التستري ، ثنا الحسن بن عثمان ، ثنا أبو سعيد المازني ، ثنا حجاج بن منهال ، عن صالح المري ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس بن مالك . قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أربع من الشقاء ؛ جمود العين ، وقسوة القلب ، والحرص ، وطول الأمل " . تفرد برفعه متصلا عن صالح حجاج .

              حدثنا أبو الفضل نصر بن أبي نصر الطوسي ثنا محمد بن مخلد ، ثنا عبد الله بن أيوب ، ثنا داود بن المحبر ، ثنا صالح المري ، عن يزيد الرقاشي ، عن أنس . قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يأتي على الناس زمان يدعو فيه المؤمن للعامة ، فيقول الله تعالى : ادع لخاصة نفسك أستجب لك ، فأما العامة فإني عليهم ساخط " . غريب من حديث صالح ، تفرد به داود .

              حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، ثنا علي بن إسحاق ، ثنا حسين بن الحسن المروزي ، ثنا الهيثم بن جميل ، ثنا صالح ، عن يزيد ، عن أنس . قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " أسفل أهل الجنة أجمعين درجة لمن يقوم على رأسه عشرة آلاف خادم ، بيد كل خادم صحفتان ؛ صحفة من ذهب ، وصحفة من فضة ، في كل واحدة لون ليس في الأخرى ، يأكل من آخرها مثل ما يأكل من أولها ، يجد لآخرها من اللذة والطيب مثل ما يجد لأولها ، ثم يكون لذلك رشح مسك ، وجشاء مسك ، لا يبولون ولا يتغوطون ولا يمتخطون " . غريب من حديث صالح ، لم نكتبه إلا من حديث الهيثم مرفوعا .

              حدثنا حبيب بن الحسن ، ثنا الفضل بن أحمد بن العباس ، ثنا محمد بن محمد بن مرزوق ، ثنا إسماعيل بن نصر ، ثنا صالح المري . قال : كان عطاء السليمي لا يسأل الله الجنة ، قال : فقلت له : إن أبانا حدثني ، عن أنس بن مالك - رضي الله تعالى عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " يقول الله تعالى : انظروا في ديوان عبدي فمن رأيتموه سألني الجنة أعطيته ومن استعاذني من النار أعذته " . فقال لي [ ص: 176 ] عطاء : كفاني أن يجيرني من النار . غريب من حديث صالح ، لم نكتبه إلا من حديث إسماعيل بن نصر .

              حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد ، ثنا أحمد بن عمر بن عبد الخالق البزاز ، ثنا الحسن بن يحيى بن هشام ، ثنا ابن حسان ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة . قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " من سره أن يعلم ما له عند الله فليعلم ما لله عنده " . غريب من حديث صالح ، تفرد به ‌ عاصم .

              حدثنا الحسن بن إسحاق بن إبراهيم ، وعمرو بن محمد بن جعفر ، قالا : ثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل الدمشقي ، ثنا موسى بن عامر ، ثنا عيسى بن خالد اليماني ، ثنا صالح ، عن هشام ، عن محمد ، عن أبي هريرة . قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن العبد ليعمل الذنب ، فإذا ذكره أحزنه ، فإذا نظر الله إليه قد أحزنه غفر له ما صنع قبل أن يأخذ في كفارته بلا صلاة ولا صيام " . غريب من حديث هشام وصالح ، لم نكتبه إلا من حديث عيسى .

              حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن إسحاق الأنماطي ، ثنا عبدان بن أحمد ، ثنا عبد الله بن ميمون ، ثنا صالح ، عن سعيد الجروي ، عن أبي عثمان النهدي ، عن أبي هريرة . قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إذا كانت أمراؤكم خياركم ، وكانت أغنياؤكم سمحاءكم ، وكان أمركم شورى بينكم ، فظهر الأرض خير لكم من بطنها ، وإذا كانت أمراؤكم شراركم ، وكانت أغنياؤكم بخلاءكم ، وكانت أموركم إلى نسائكم ، فبطن الأرض خير لكم من ظهرها " . غريب من حديث سعيد وصالح ، لم نكتبه إلا من حديث عبد الله بن معاوية ، وهو الجمحي .

              حدثنا سهل بن عبد الله أبو الحسن التستري ، ثنا أحمد بن زيد بن الحريش ، ثنا عبد الله بن معاوية ، ثنا صالح ، ثنا الجريري ، عن أبي عثمان . قال : كتب سلمان إلى أبي الدرداء : يا أخي ، عليك بالمسجد فالزمه ؛ فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : " المسجد بيت كل مؤمن " . غريب من حديث صالح ، لم نكتبه إلا من هذا الوجه .

              حدثنا سليمان بن أحمد ، ثنا أبو الزنباع ، ثنا روح بن الفرج ، ثنا عبد الله بن عباد [ ص: 177 ] العباداني ، ثنا صالح المري ، عن قيس بن سعد ، عن محمد بن سيرين ، عن أبي هريرة . قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم ، يسأل الله فيها خيرا إلا أعطاه إياه " . غريب من حديث صالح وقيس ، لم نكتبه إلا من حديث عبد الله .

              التالي السابق


              الخدمات العلمية