الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
سورة طه - عليه السلام - مائة وخمس وثلاثون آية مكية

بسم الله الرحمن الرحيم

[ ص: 222 ] ( طه ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى إلا تذكرة لمن يخشى تنزيلا ممن خلق الأرض والسماوات العلا الرحمن على العرش استوى له ما في السماوات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى وهل أتاك حديث موسى إذ رأى نارا فقال لأهله امكثوا إني آنست نارا لعلي آتيكم منها بقبس أو أجد على النار هدى فلما أتاها نودي ياموسى إني أنا ربك فاخلع نعليك إنك بالوادي المقدس طوى وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري إن الساعة آتية أكاد أخفيها لتجزى كل نفس بما تسعى فلا يصدنك عنها من لا يؤمن بها واتبع هواه فتردى وما تلك بيمينك ياموسى قال هي عصاي أتوكأ عليها وأهش بها على غنمي ولي فيها مآرب أخرى قال ألقها ياموسى فألقاها فإذا هي حية تسعى قال خذها ولا تخف سنعيدها سيرتها الأولى واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى لنريك من آياتنا الكبرى اذهب إلى فرعون إنه طغى قال رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي واجعل لي وزيرا من أهلي هارون أخي اشدد به أزري وأشركه في أمري كي نسبحك كثيرا ونذكرك كثيرا إنك كنت بنا بصيرا قال قد أوتيت سؤلك ياموسى ولقد مننا عليك مرة أخرى إذ أوحينا إلى أمك ما يوحى أن اقذفيه في التابوت فاقذفيه في اليم فليلقه اليم بالساحل يأخذه عدو لي وعدو له وألقيت عليك محبة مني ولتصنع على عيني إذ تمشي أختك فتقول هل أدلكم على من يكفله فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها ولا تحزن وقتلت نفسا فنجيناك من الغم وفتناك فتونا )

الثرى : التراب الندي ويثنى ثريان ، ويقال ثريت التربة بللتها ، وثريت الأرض تثرى ثرى فهي ثرية ابتل ترابها بعد الجدوبة ، وأثرت فهي مثرية كثر ترابها ، وأرض ثرى ذات ثرى . وقال ابن الأعرابي : ، يقال فلان قريب الثرى بعيد النبط للذي يعد ولا يفي ، ويقال : إني لأرى ثرى الغضب في وجه فلان ، أي : أثره ، ويقال الثرى بيني وبين فلان إذا انقطع ما بينكما . وقال جرير :


فلا تنبشوا بيني وبينكم الثرى فإن الذي بيني وبينكم مثري



آنس : وجد ، تقول العرب : هل آنست فلانا ، أي : وجدته . وقيل : أحس وهو قريب من وجد . قال الحارث بن حلزة :


آنست نبأة وروعها القناص     عصرا وقد دنا الإمساء



القبس جذوة من النار تكون على رأس عود أو قصبة أو نحوه ، فعل بمعنى مفعول كالقبض والنفض ، ويقال : قبست منه نارا أقبس فأقبسني أعطاني منه قبسا ، ومنه المقبسة لما يقتبس فيه من شقفة وغيرها ، واقتبست منه نارا . وعلما ، أي : استفدته . وقال المبرد : أقبست الرجل علما وقبسته نارا . وقال الكسائي : أقبسته نارا وعلما وقبسته أيضا فيهما . الخلع والنعل معروفان وهو إزالتها من الرجل . وقيل : النعل ما هو وقاية للرجل من الأرض كان من جلد أو حديد أو خشب أو غيره . طوى : اسم موضع . السعي : المشي بسرعة ، وقد يطلق على العمل . ردي يردى ردى هلك ، وأرداه أهلكه . قال دريد بن الصمة :


تنادوا فقالوا أردت الخيل فارسا     فقلت أعيذ الله ذلكم الردى



توكأ على الشيء تحامل عليه في المشي والوقوف ، ومنه الاتكاء . توكأت واتكأت بمعنى . وتقدمت هذه المادة في سورة يوسف في قوله ( متكأ ) وشرحت هنا لاختلاف الوزنين وإن كان الأصل واحدا . هش على الغنم يهش بضم الهاء خبط أوراق الشجر لتسقط ، وهش إلى الرجل يهش بالكسر ، قاله ثعلب ، إذا بش وأظهر الفرح به ، والأصل في هذه المادة الرخاوة ، يقال : رجل هش . الغنم معروف وهو اسم جنس مؤنث . المأربة بضم الراء وفتحها وكسرها الحاجة وتجمع على مآرب ، والإربة أيضا الحاجة . الحية الحنش يطلق على الذكر والأنثى والصغير والكبير ، وتقدمت مادته وكررت هنا لخصوصية المدلول . وقولهم حواء للذي يصيد الحيات من باب حوة فالمادتان مختلفتان كسبط وسبطر . الأزر : الظهر قاله الخليل ، وأبو عبيد وآزره قواه ، والأزر أيضا القوة . وقال الشاعر :


بمحنية قد آزر الضال نبتها     مجر جيوش غانمين وخيب



[ ص: 223 ] القذف الرمي والإلقاء . الساحل شاطئ البحر وهو جانبه الخالي من الماء ، سمي بذلك ؛ لأن الماء يسحله ، أي : يقشره فهو فاعل بمعنى مفعول . وقال أبو تمام :


هو البحر من أي النواحي أتيته     فلجته المعروف والجود ساحله



التالي السابق


الخدمات العلمية