الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          [ ص: 1850 ] قوله تعالى: الذين يلمزون المطوعين آية 79

                                          [10503] حدثنا علي بن الحسن, ثنا أبو الجماهر, ثنا سعيد , عن قتادة قوله: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات أي: يطعنون على المطوعين في الصدقات.

                                          [10504] حدثنا أبي , ثنا عيسى بن يونس الرملي, ثنا مؤمل, عن حماد بن سلمة , عن ثابت, عن أنس أو غيره أن النبي صلى الله عليه وسلم: دعا الناس بصدقة, فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعة آلاف فقال: يا رسول الله, هذه صدقة فلمزه بعض القوم فقال: ما جاء بهذه عبد الرحمن إلا رياء، وجاء أبو عقيل بصاع من تمر, فقال بعض القوم: ما كان الله أغنى عن صاع أبي عقيل فنزلت الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات إلى قوله: فلن يغفر الله لهم

                                          قوله تعالى: من المؤمنين في الصدقات

                                          [10505] حدثنا أحمد بن سنان الواسطي, ثنا أبو زيد الهروي, ثنا شعبة , عن الأعمش قال: سمعت أبا وائل عن أبي مسعود قال: كنا نحامل في الجاهلية فجاء بنصف صاع أو بصاع وجاء رجل بشيء كثير فقالوا: إن الله لغني عن هذا وهذا مرائي فنزلت الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم

                                          [10506] حدثنا أبي , ثنا أبو صالح , ثنا معاوية بن صالح , عن علي بن أبي طلحة , عن ابن عباس في قوله: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات قال: جاء عبد الرحمن بن عوف بأربعين أوقية من ذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء رجل من الأنصار بصاع من طعام, فقال بعض المنافقين: والله ما جاء عبد الرحمن بن عوف ما جاء به إلا رياء, وقالوا: إن كان الله ورسوله لغنيين عن هذا الصاع.

                                          [10507] حدثنا أبي , ثنا محمد بن عيسى بن الطباع, ثنا حجاج بن محمد, عن ابن جريج ، عن مجاهد قال: كان لعبد الرحمن بن عوف ثمانية آلاف دينار, فجاء بأربعة آلاف دينار صدقة, قال: وجاء رجل من الأنصار بصاع تمر نزع عليه ليله كله فلما [ ص: 1851 ] أصبح جاء به إلى النبي صلى الله عليه وسلم, فقال رجل من المنافقين: إن عبد الرحمن بن عوف لعظيم الرياء, وقال الآخر: إن الله لغني عن صاع هذا, فأنزل الله تعالى: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات عبد الرحمن بن عوف , والذين لا يجدون إلا جهدهم صاحب الصاع, فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم

                                          [10508] حدثنا أبي , ثنا أبو سلمة ومسدد قالا: ثنا أبو عوانة , ثنا عمر بن أبي سلمة , عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تصدقوا فإني أريد أن أبعث بعثا. فقال عبد الرحمن بن عوف : يا رسول الله إن لي أربعة آلاف, ألفين أقرضهما ربي وألفين لعيالي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: بارك الله فيما أعطيت، وبارك لك فيما أمسكت، وقال رجل من الأنصار: إني بت أجر الجرير فأصبت صاعين من تمر فصاع أقرضه ربي وصاع لعيالي, فلمزه المنافقون فقالوا: والله إن أعطى ابن عوف هذا إلا رياء وقالوا: أولم يكن الله ورسوله غنيين عن صاع هذا؟ فأنزل الله تعالى الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم ".

                                          [10509] حدثنا محمد بن عمار , ثنا عبد الرحمن الدشتكي, أنبأ أبو جعفر الرازي, عن الربيع في قوله: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات أصاب الناس جاهد شديد, فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتصدقوا فقال: أيها الناس تصدقوا, فجعل أناس يتصدقون, فجاء عبد الرحمن بن عوف بأربعمائة أوقية من ذهب, قال: يا رسول الله كان لي ثمانمائة أوقية من ذهب فجئت بأربعمائة أوقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللهم بارك له فيما أعطى وبارك له فيما أمسك".

                                          [10500] حدثنا أبو عبد الله محمد بن حماد الطهراني, أنبأ حفص بن عمر , ثنا الحكم بن أبان, عن عكرمة قال: لما كان يوم فطر أخرج عبد الرحمن بن عوف مالا عظيما، وأخرج عاصم بن عدي كذلك, وأخرج رجل صاعين, وآخر صاعا فقال قائل [ ص: 1852 ] من الناس: إن عبد الرحمن إنما جاء بما جاء به فخرا ورياء, وأما صاحب الصاع والصاعين فإن الله ورسوله أغنياء من صاع وصاع, فسخروا بهم, فأنزلت فيهم هذه الآية الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات الآية.

                                          [10501] أخبرنا أبو يزيد القراطيسي -فيما كتب إلي-, أنبأ أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يقول في قوله: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين أن يتصدقوا, فقال عمر بن الخطاب : إنما ذلك مال وافر فأخذ نصفه قال: وافر, قال: فجئت أحمل مالا كثيرا فقال له رجل من المنافقين: أترائي يا عمر ؟ قال: نعم, أرائي الله ورسوله فوجد غيرهما فلا، قال: وجاء رجل من الأنصار لم يكن عنده شيء فوجد نفسه يجر الجرير على رقبته بصاعين ليلته, فترك صاعا لعياله وجاء بصاع يحمله, فقال له بعض المنافقين: إن الله ورسوله عن صاعك لغني فذلك قوله: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات

                                          قوله تعالى: والذين لا يجدون إلا جهدهم

                                          [10502] حدثنا أبي , ثنا محمد بن العلاء أبو كريب , ثنا زيد بن حباب, أنبأ موسى بن عبيدة, حدثنا خالد بن يسار, عن أبي عقيل , عن أبيه أنه بات يجر الجرير على ظهره على صاعين من تمر فانقلب بأحدهما إلى أهله يتبلغون به, وجاء بالآخر يتقرب به إلى الله, فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره صلى الله عليه وسلم: أنثره في الصدقة, قال: فسخر المنافقون به, وقالوا: ما كان أغنى هذا أن يتقرب إلى الله بصاع من تمر, فأنزل الله تعالى: الذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم إلى آخر الآيتين.

                                          [10503] حدثنا أبو عبد الله محمد بن حماد الطهراني, أنبأ حفص بن عمر , أنبأ الحكم بن أبان, عن عكرمة في قوله: والذين لا يجدون إلا جهدهم قال: هو رفاعة بن سعد .

                                          [ ص: 1853 ] [10504] حدثنا أبي , ثنا عمرو بن علي, ثنا أبو معاوية الضرير, ثنا عيسى بن المغيرة الحرامي, عن الشعبي قال: من قرأ والذين لا يجدون إلا جهدهم قال: فالجاهد في القيتة والجاهد هو الجاهد.

                                          [10505] حدثنا أبي , ثنا ابن أبي عمر قال: قال سفيان بن عيينة في قوله: والذين لا يجدون إلا جهدهم الجاهد في ذات اليد، والجهد: جهد الإنسان.

                                          قوله تعالى: فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم

                                          [10506] حدثنا أبي , ثنا أبو سلمة , ثنا مبارك, ثنا الحسن قال: جاء عبد الرحمن بن عوف بصدقة عظيمة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمزه ناس, وقالوا: ما جاء بهذا إلا رياء, وجاء آخرون من جهدهم بالقليل, فسخروا منهم وقالوا: انظروا ما جاء به هؤلاء، والله إن الله لغني عن صدقاتهم, فأنزل الله تعالى: الذين يلمزون المطوعين إلى قوله: فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم .

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية