الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                          صفحة جزء
                                          قوله تعالى: يحلفون بالله ما قالوا آية 74

                                          [10222] حدثنا أبو زرعة , ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب, ثنا محمد بن فليح, عن موسى بن عقبة , عن عبد الله بن الفضل, عن أنس بن مالك قال: سمع زيد بن أرقم رجلا من المنافقين يقول: والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب لئن كان هذا [ ص: 1843 ] صادقا, لنحن أشر من الحمير، ثم رفع ذلك إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجحد القائل فأنزل الله تعالىيحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم فكان ما أنزل من هذه الآية تصديقا لقول زيد.

                                          قوله تعالى: ولقد قالوا كلمة الكفر

                                          [10401] حدثنا أبي , ثنا الحسن بن الربيع, ثنا عبد الله بن إدريس, قال ابن إسحاق : فحدثني الزهري , عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك , عن أبيه، عن جده كعب قال: لما نزل القرآن فيه ذكر المنافقين وما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال الجلاس: والله لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن أشر من الحمير. قال: فسمعها عمير بن سعد فقال: والله يا جلاس, إنك لأحب الناس إلي، أحسنهم عندي أثرا أو أعزهم علي أن يدخل عليه شيء يكرهه، ولقد قلت مقالة لئن ذكرتها لتفضحنك، ولئن سكت عنها لتهلكني، ولأحدهما أشر علي من الأخرى، فمشى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ما قال الجلاس، فحلف بالله ما قال عمير، ولقد كذب علي، فأنزل الله يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم

                                          قوله تعالى: وكفروا بعد إسلامهم

                                          [10402] حدثنا محمد بن يحيى, أنبأ محمد بن عمرو زنيج, أنبأ سلمة قال: قال محمد بن إسحاق : فيما ثنا محمد بن أبي محمد, عن عكرمة أو سعيد بن جبير , عن ابن عباس قال: كان الجلاس بن سويد بن الصامت ممن تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك, وقال: لئن كان هذا الرجل صادقا لنحن أشر من الحمر, فرفع عمير بن سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالله لقد كذب علي عمير وما قلت: ما قال عمير بن سعد , فأنزل الله تعالى فيه يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا فزعموا أنه تاب وحسنت توبته, حتى عرف منه الإسلام والخير.

                                          والوجه الثاني:

                                          [10403] حدثنا محمد بن يحيى, أنبأ العباس بن الوليد, ثنا يزيد بن زريع, عن سعيد , عن قتادة قوله: يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر إلى قوله: وما لهم [ ص: 1844 ] في الأرض من ولي ولا نصير قال: ذكر لنا أن رجلين اقتتلا، أحدهما من جهينة، والآخر من غفار, وكانت جهينة حلفاء الأنصار، فظهر الغفاري على الجهني فنادى عبد الله بن أبي : يا بني أوس, انصروا أخاكم, وقال: والله ما مثلنا ومثل محمد إلا كما قال القائل: سمن كلبك يأكلك, وقال: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل فسعى بها رجل من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأرسل نبي الله صلى الله عليه وسلم فسأله، فحلف بالله ما قالوا: فأنزل الله في ذلك القرآن يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا

                                          والوجه الثالث:

                                          [10111] ذكره أحمد بن محمد بن أبي أسلم، ثنا إسحاق بن راهويه ، أنبأ محمد بن يرصدون إذا قدم أبو عامر أن يصلي فيه وكان قد خرج من المدينة محاربا لله قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهم الذين أرادوا أن يدفعوا النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة وكانوا قوما قد أجمعوا على أن يقتلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم, وهم معه في بعض أسفاره فجعلوا يلتمسون غرته حتى أخذ في عقبة فتقدم بعضهم وتأخر بعضهم وذلك ليلا، قالوا: إذا أخذ في العقبة دفعناه عن راحلته في الوادي، فسمع حذيفة وهو يسوق بالنبي صلى الله عليه وسلم فكان قائده تلك الليلة عمار بن ياسر , وسائقه حذيفة بن اليمان فسمع حذيفة وقع أخفاف الإبل, فالتفت فإذا هو بقوم متلثمين، فقال: إليكم إليكم يا أعداء الله، فأمسكوا, ومضى النبي صلى الله عليه وسلم حتى نزل منزله الذي أراد فلما أصبح أرسل إليهم كلهم, فقال: أردتم كذا وكذا, فحلفوا بالله ما قالوا, ولا أرادوا الذي سألهم عنه فذلك قوله: يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم وهموا بما لم ينالوا

                                          قوله تعالى: وهموا بما لم ينالوا

                                          [10000] حدثنا محمد بن عبادة بن البختري الواسطي, ثنا يزيد, ثنا حماد بن سلمة , عن هشام بن عروة , عن أبيه قال: أنزل الله وهموا بما لم ينالوا قال: وكان الجلاس اشترى فرسا؛ ليقتل النبي صلى الله عليه وسلم.

                                          [ ص: 1845 ] والوجه الثاني:

                                          [10002] حدثنا علي بن الحسين , ثنا محمد بن علي بن حمزة , ثنا يحيى بن عبد الله بن المبارك , عن شريك, عن جابر , عن مجاهد , عن ابن عباس وهموا بما لم ينالوا قال: هم رجل يقال له: الأسود بقتل محمد صلى الله عليه وسلم.

                                          والوجه الثالث:

                                          [] حدثنا حجاج بن حمزة , ثنا شبابة, ثنا ورقاء, عن ابن أبي نجيح , عن مجاهد قوله: كلمة الكفر قال أحدهم: لئن كان ما يقول محمد حقا لنحن أشر من الحمير, فقال له رجل من المؤمنين: فوالله إنما يقول الحق، ولأنت أشر من حمار، فهم بقتله المنافق, فذلك همهم بما لم ينالوا.

                                          والوجه الرابع:

                                          [10004] حدثنا علي بن الحسين , ثنا إسماعيل بن إبراهيم الواسطي, ثنا محمد بن يزيد, عن إسماعيل, عن السدي وهموا بما لم ينالوا قال: أرادوا أن يتوجوا عبد الله بن أبي , قالوا: وإن لم يرض محمد صلى الله عليه وسلم.

                                          قوله تعالى: وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله

                                          [10005] حدثنا أحمد بن الحسن البغدادي, ثنا محمد بن سنان, ثنا محمد بن مسلم الطائفي , عن عمرو بن دينار , عن عكرمة , عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الدية اثني عشر ألفا وذلك قوله: وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله قال: بأخذهم الدية.

                                          [10400] حدثنا أبي , ثنا يسرة بن صفوان , ثنا محمد بن مسلم الطائفي , عن عمرو بن دينار قال: سمعت عكرمة يقول: قتل رجل من بني عدي بن كعب رجلا من الأنصار, فقضى النبي صلى الله عليه وسلم في ديته باثني عشر ألف درهم قال: فقال الله عز وجل: وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله يعني: ما أخذوا من الدية.

                                          [ ص: 1846 ] [10401] حدثنا محمد بن يحيى, أنبأ العباس بن الوليد, ثنا يزيد بن زريع, عن سعيد , عن قتادة قوله: وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله قال: كانت لعبد الله بن أبي دية، فأخرجها رسول الله صلى الله عليه وسلم له.

                                          والوجه الثاني:

                                          [10402] حدثنا أبي , ثنا الحكم بن موسى, ثنا عباد بن عباد المهلبي, عن هشام بن عروة , عن أبيه وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله قال: كان جلاس تحمل حمالة أو كان عليه دين، فأدى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك قوله: وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله

                                          قوله تعالى: فإن يتوبوا يك خيرا لهم

                                          [10403] حدثنا أبي , ثنا الحكم بن موسى, ثنا عباد بن عباد المهلبي, عن هشام بن عروة , عن أبيه فإن يتوبوا يك خيرا لهم وقد كان جلاس بن سويد الأنصاري قال: صدق عمير بن سعد والله يا رسول الله, يعني: فيما كان أدى عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قوله: إن كان الذي يقولمحمد فإنه أشر من الحمار, وما كان حلف إنه لم يقله، فقال: قد قلت يا رسول الله وقد عرض الله علي التوبة, وإني أتوب إلى الله وأستغفره من قولي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمير: "وفت أذنك, وصدقك ربك".

                                          قوله تعالى: وإن يتولوا يعذبهم الله عذابا أليما في الدنيا والآخرة وما لهم في الأرض من ولي ولا نصير آية 74

                                          [10404] حدثنا محمد بن يحيى, أنبأ أبو غسان, ثنا سلمة قال: قال محمد بن إسحاق قوله: وإن يتولوا قال: على كفرهم.

                                          التالي السابق


                                          الخدمات العلمية