الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                          باب ما جاء شهرا عيد لا ينقصان

                                                                                                          692 حدثنا أبو سلمة يحيى بن خلف البصري حدثنا بشر بن المفضل عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة قال أبو عيسى حديث أبي بكرة حديث حسن وقد روي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا قال أحمد معنى هذا الحديث شهرا عيد لا ينقصان يقول لا ينقصان معا في سنة واحدة شهر رمضان وذو الحجة إن نقص أحدهما تم الآخر وقال إسحق معناه لا ينقصان يقول وإن كان تسعا وعشرين فهو تمام غير نقصان وعلى مذهب إسحق يكون ينقص الشهران معا في سنة واحدة

                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                          قوله : ( رمضان وذو الحجة ) بدلان وبيانان أطلق على رمضان أنه شهر عيد لقربه من العيد ، ونظير قوله -صلى الله عليه وسلم- : " المغرب وتر النهار " ، أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر ، وصلاة المغرب ليلية جهرية ، وأطلق كونها وتر النهار لقربها منه . قاله الحافظ .

                                                                                                          قوله : ( حديث أبي بكر حديث حسن ) وأخرجه الشيخان فالظاهر أنه صحيح ( قال أحمد ) أي ابن حنبل رحمه الله ( إن نقص أحدهما تم الآخر ) أي إن جاء أحدهما تسعا وعشرين فهو تمام غير نقصان أي فهو تام في الفضيلة غير ناقص ( وعلى مذهب إسحاق يكون ينقص الشهران معا في سنة واحدة ) أي على مذهب إسحاق يجوز أن ينقصا معا في سنة واحدة وفي صحيح البخاري : وقال أبو الحسن : كان إسحاق ابن راهويه يقول : لا ينقصان في الفضيلة إن كان تسعة وعشرين أو ثلاثين ، انتهى .

                                                                                                          وذكر ابن حبان لهذا الحديث معنيين : أحدهما ما قال [ ص: 306 ] إسحاق ، والآخر أنهما في الفضل سواء لقوله في الحديث الآخر : ما من أيام العمل فيها أفضل من عشر ذي الحجة ، وقيل : معناه لا ينقصان في عام بعينه وهو العام الذي قال فيه -صلى الله عليه وسلم- تلك المقالة . وقيل : المعنى لا ينقصان في الأحكام ، وبهذا جزم البيهقي وقبله الطحاوي فقال : معنى لا ينقصان أي : الأحكام فيهما -وإن كانتا تسعة وعشرين- متكاملة غير ناقصة عن حكمهما إذا كانا ثلاثين ، وقيل : معناه لا ينقصان في نفس الأمر لكن ربما حال دون رؤية الهلال مانع ، وهذا أشار إليه ابن حبان أيضا ولا يخفى بعده . وقيل : معناه لا ينقصان معا في سنة واحدة على طريق الأكثر الأغلب وإن ندر وقوع ذلك ، وهذا أعدل مما تقدم ؛ لأنه ربما وجد وقوعهما ووقوع كل منهما تسعة وعشرين . هذا تلخيص ما قاله الحافظ في فتح الباري .

                                                                                                          وقال النووي في شرح مسلم : الأصح أن معناه لا ينقص أجرهما والثواب المرتب عليهما وإن نقص عددهما ، وقيل : معناه لا ينقصان جميعا في سنة واحدة غالبا ، وقيل : لا ينقص ثواب ذي الحجة عن ثواب رمضان ؛ لأنه فيه المناسك . حكاه الخطابي وهو ضعيف ، والأول هو الصواب المعتمد ، ومعناه أن قوله -صلى الله عليه وسلم- : من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ، وقوله : من قام رمضان إيمانا واحتسابا ، وغير ذلك ، فكل هذه الفضائل تحصل سواء تم عدد رمضان أم نقص ، انتهى .

                                                                                                          قلت : الظاهر هو ما قاله النووي ، والله تعالى أعلم .




                                                                                                          الخدمات العلمية