الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 479 ] 63 - قالوا : حديثان في البيوع متناقضان

        بيع الحيوان بالحيوان

        قالوا : رويتم عن حماد ، عن قتادة ، عن الحسن ، عن سمرة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ، ثم رويتم عن محمد بن إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن مسلم بن جبير ، عن أبي سفيان ، عن عمرو بن حريش ، عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمره أن يجهز جيشا فنفدت إبل الصدقة ، فأمره أن يأخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة .

        قالوا : وهذا خلاف الأول .

        قال أبو محمد : ونحن نقول : إنه ليس بين الحديثين اختلاف بحمد الله تعالى ؛ لأن الحديث الأول نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ، وليس يجوز أن يشتري شيئا ليس عند البائع لنهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن ذلك وهو بيع المواصفة ، وإذا أنت بعت حيوانا بحيوان نسيئة فقد دفعت ثمنا لشيء ليس هو عند صاحبك فلم يجز ذلك .

        [ ص: 480 ] والحديث الثاني : أمرني أن آخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة ، يريد سلفا ، وقد مضت السنة في السلف بأن يدفع الورق ، أو الذهب ، أو الحيوان سلفا في طعام ، أو تمر ، أو حيوان على صفة معلومة وإلى وقت محدود ، وليس ذلك عند المستسلف في الوقت الذي دفعت إليه الثمن وعليه أن يأتيك به عند محل الأجل ، فصار حكم السلف خلاف حكم البيع ، إذ كان البيع لا يجوز فيه أن تشتري ما ليس عند صاحبك في وقت المبايعة .

        وكان السلف يجوز فيه أن تسلف فيما ليس عند صاحبك في وقت الاستسلاف ، ولما نفدت الإبل أمره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يستسلف البعير البازل والعظيم والقوي من الإبل بالبعيرين من إبل الصدقة الحقاق ، والجذاع التي لا تصلح للغزو ولا للسفر ، وربما كان الواحد من الإبل البوازل الشداد خيرا من اثنين وثلاثة وأربعة من إبل الصدقة .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية