الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
        صفحة جزء
        [ ص: 468 ] 59 - قالوا : حديثان متناقضان في شرب الماء قائما

        قالوا : رويتم عن ابن المبارك ، عن معمر ، عن قتادة ، عن أنس قال : نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يشرب الرجل قائما . قلت : فالأكل ؟ قال : الأكل أشد منه .

        ثم رويتم عن عبد الرزاق ، عن معمر ، عن أيوب ، عن نافع ، عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يشرب وهو قائم [ ص: 469 ] وهذا نقض لذاك .

        قال أبو محمد : ونحن نقول : إنه ليس هاهنا تناقض ؛ لأنه في الحديث الأول نهى أن يشرب الرجل أو يأكل ماشيا ، يريد أن يكون شربه وأكله على طمأنينة ، وأن لا يشرب إذا كان مستعجلا في سفر ، أو حاجة وهو يمشي فيناله من ذلك شرق ، أو تعقد من الماء في صدره .

        والعرب تقول : قم في حاجتنا . لا يريدون أن يقوم حسب ، وإنما يريدون امش في حاجتنا اسع في حاجتنا ، ومن ذلك قول الأعشى :


        يقوم على الوغم قومه فيعفو إذا شاء أو ينتقم



        يريد بقوله : يقوم على الوغم أنه يطالب بالذحل ويسعى في ذلك حتى يدركه ، ولم يرد أنه يقوم من غير أن يمشي ، ومنه قول الله - جل وعز - : ومنهم من إن تأمنه بدينار لا يؤده إليك إلا ما دمت عليه قائما ، يريد ما دمت مواظبا عليه بالاختلاف والاقتضاء والمطالبة ، ولم يرد القيام وحده .

        وفي الحديث الثاني : كان يشرب وهو قائم ، يراد غير ماش ولا ساع ، ولا بأس بذلك ؛ لأنه يكون على طمأنينة ، فهو بمنزلة القاعد .

        التالي السابق


        الخدمات العلمية