الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب حفظ اللسان وقول النبي صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت وقوله تعالى ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد

                                                                                                                                                                                                        6109 حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا عمر بن علي سمع أبا حازم عن سهل بن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة [ ص: 315 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 315 ] قوله باب حفظ اللسان ) أي عن النطق بما لا يسوغ شرعا مما لا حاجة للمتكلم به . وقد أخرج أبو الشيخ في " كتاب الثواب " والبيهقي في " الشعب " من حديث أبي جحيفة رفعه أحب الأعمال إلى الله حفظ اللسان .

                                                                                                                                                                                                        قوله ومن كان يؤمن بالله إلخ وقع عند أبي ذر " وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن كان يؤمن بالله إلخ " وقد أورده موصولا في الباب بلفظه

                                                                                                                                                                                                        قوله وقول الله - تعالى - ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد كذا لأبي ذر وللأكثر " وقوله ما يلفظ إلخ " ولابن بطال " وقد أنزل الله - تعالى - ما يلفظ الآية " وقد تقدم ما يتعلق بتفسيرها في تفسير سورة ق وقال ابن بطال جاء عن الحسن أنهما يكتبان كل شيء وعن عكرمة يكتبان الخير والشر فقط ويقوي الأول تفسير أبي صالح في قوله - تعالى - يمحو الله ما يشاء ويثبت قال تكتب الملائكة كل ما يتلفظ به الإنسان ثم يثبت الله من ذلك ما له وما عليه ويمحو ما عدا ذلك قلت هذا لو ثبت كان نصا في ذلك ولكنه من رواية الكلبي وهو ضعيف جدا والرقيب هو الحافظ والعتيد هو الحاضر وورد في فضل الصمت عدة أحاديث منها حديث سفيان بن عبد الله الثقفي قلت يا رسول الله ما أخوف ما تخاف علي ؟ قال هذا وأخذ بلسانه أخرجه الترمذي وقال حسن صحيح وتقدم في الإيمان حديث المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده ولأحمد وصححه ابن حبان من حديث البراء وكف لسانك إلا من خير وعن عقبة بن عامر قلت يا رسول الله ما النجاة ؟ قال أمسك عليك لسانك الحديث أخرجه الترمذي وحسنه وفي حديث معاذ مرفوعا ألا أخبرك بملاك الأمر كله كف هذا وأشار إلى لسانه قلت يا رسول الله وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به ؟ قال وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم أخرجه أحمد والترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه كلهم من طريق أبي وائل عن معاذ مطولا وأخرجه أحمد أيضا من وجه آخر عن معاذ وزاد الطبراني في رواية مختصرة ثم إنك لن تزال سالما ما سكت فإذا تكلمت كتب عليك أو لك وفي حديث أبي ذر مرفوعا عليك بطول الصمت فإنه مطردة للشيطان أخرجه أحمد والطبراني وابن حبان والحاكم وصححاه وعن ابن عمر رفعه من صمت نجا أخرجه الترمذي ورواته ثقات وعن أبي هريرة رفعه من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه أخرجه الترمذي وحسنه وذكر المصنف في الباب أربعة أحاديث

                                                                                                                                                                                                        9680 " الأول قوله ( حدثني ) كذا لأبي ذر وللباقين " حدثنا " وكذا للجميع في هذا السند بعينه في المحاربين وعمر بن علي المقدمي بفتح القاف وتشديد الدال هو عم محمد بن أبي بكر الراوي عنه وقد تقدم أن عمر مدلس لكنه صرح هنا بالسماع

                                                                                                                                                                                                        قوله عن سهل بن سعد هو الساعدي .

                                                                                                                                                                                                        قوله من يضمن بفتح أوله وسكون الضاد المعجمة والجزم من الضمان بمعنى الوفاء بترك المعصية فأطلق الضمان وأراد لازمه وهو أداء الحق الذي عليه فالمعنى من أدى الحق الذي على لسانه من النطق بما يجب عليه أو الصمت عما لا يعنيه وأدى الحق الذي على فرجه من وضعه في الحلال وكفه عن الحرام وسيأتي في المحاربين عن خليفة بن خياط عن عمر بن علي بلفظ " من توكل " وأخرجه الترمذي عن محمد بن عبد الأعلى عن عمر بن علي بلفظ " من تكفل " وأخرجه الإسماعيلي عن الحسن بن سفيان قال " حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي وعمر بن علي هو الفلاس وغيرهما قالوا حدثنا عمر بن علي " بلفظ " من حفظ " عند أحمد وأبي [ ص: 316 ] يعلى من حديث أبي موسى بسند حسن وعند الطبراني من حديث أبي رافع بسند جيد لكن قال " فقميه " بدل " لحييه " وهو بمعناه والفقم بفتح الفاء وسكون القاف

                                                                                                                                                                                                        قوله ( لحييه ) بفتح اللام وسكون المهملة والتثنية هما العظمات في جانبي الفم والمراد بما بينهما اللسان وما يتأتى به النطق وبما بين الرجلين الفرج وقال الداودي المراد بما بين اللحيين الفم قال فيتناول الأقوال والأكل والشرب وسائر ما يتأتى بالفم من الفعل ، قال ومن تحفظ من ذلك أمن من الشر كله لأنه لم يبق إلا السمع والبصر كذا قال وخفي عليه أنه بقي البطش باليدين وإنما محمل الحديث على أن النطق باللسان أصل في حصول كل مطلوب فإذا لم ينطق به إلا في خير سلم وقال ابن بطال : دل الحديث على أن أعظم البلاء على المرء في الدنيا لسانه وفرجه فمن وقي شرهما وقي أعظم الشر

                                                                                                                                                                                                        قوله أضمن له بالجزم جواب الشرط وفي رواية خليفة " توكلت له بالجنة " ووقع في رواية الحسن " تكفلت له " قال الترمذي : حديث سهل بن سعد حسن صحيح وأشار إلى أن أبا حازم تفرد به عن سهل فأخرجه من طريق محمد بن عجلان عن أبي حازم عن أبي هريرة بلفظ من وقاه الله شر ما بين لحييه وشر ما بين رجليه دخل الجنة وحسنه ونبه على أن أبا حازم الراوي عن سهل غير أبي حازم الراوي عن أبي هريرة . قلت وهما مدنيان تابعيان لكن الراوي عن أبي هريرة اسمه سلمان وهو أكبر من الراوي عن سهل واسمه سلمة ولهذا اللفظ شاهد من مرسل عطاء بن يسار في الموطأ




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية