الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب ومن يتوكل على الله فهو حسبه قال الربيع بن خثيم من كل ما ضاق على الناس

                                                                                                                                                                                                        6107 حدثني إسحاق حدثنا روح بن عبادة حدثنا شعبة قال سمعت حصين بن عبد الرحمن قال كنت قاعدا عند سعيد بن جبير فقال عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفا بغير حساب هم الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        9675 [ ص: 312 ] قوله باب ومن يتوكل على الله فهو حسبه استعمل لفظ الآية ترجمة لتضمنها الترغيب في التوكل وكأنه أشار إلى تقييد ما أطلق في حديث الباب قبله وأن كلا من الاستغناء والتصبر والتعفف إذا كان مقرونا بالتوكل على الله فهو الذي ينفع وينجع وأصل التوكل الوكول يقال وكلت أمري إلى فلان أي ألجأته إليه واعتمدت فيه عليه ووكل فلان فلانا استكفاه أمره ثقة بكفايته والمراد بالتوكل اعتقاد ما دلت عليه هذه الآية وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها وليس المراد به ترك التسبب والاعتماد على ما يأتي من المخلوقين لأن ذلك قد يجر إلى ضد ما يراه من التوكل وقد سئل أحمد عن رجل جلس في بيته أو في المسجد وقال لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي فقال هذا رجل جهل العلم فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن الله جعل رزقي تحت ظل رمحي وقال لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا فذكر أنها تغدو وتروح في طلب الرزق قال وكان الصحابة يتجرون ويعملون في نخيلهم والقدوة بهم . انتهى والحديث الأول سبق الكلام عليه في الجهاد والثاني أخرجه الترمذي والحاكم وصححاه

                                                                                                                                                                                                        قوله وقال الربيع بن خثيم ) بمعجمة ومثلثة مصغر

                                                                                                                                                                                                        قوله من كل ما ضاق على الناس ) وصله الطبراني وابن أبي حاتم من طريق الربيع بن منذر الثوري عن أبيه عن الربيع بن خثيم قال في قوله - تعالى - ومن يتق الله يجعل له مخرجا الآية قال من كل شيء ضاق على الناس والربيع المذكور من كبار التابعين صحب ابن مسعود وكان يقول له لو رآك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأحبك أورد ذلك أحمد في " الزهد " بسند جيد وحديثه مخرج في الصحيحين وغيرهما والربيع بن منذر لم يخرجوا عنه لكن ذكره البخاري وابن أبي حاتم ولم يذكرا فيه جرحا وذكره ابن حبان في الثقات وأبوه متفق على توثيقه والتخريج عنه

                                                                                                                                                                                                        قوله حدثني إسحاق هو ابن منصور كما أوضحته في المقدمة وغلط من قال إنه ابن إبراهيم وسيأتي شرح الحديث مستوفى في " باب يدخل الجنة سبعون ألفا " بعد ثمانية وعشرين بابا - إن شاء الله تعالى




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية