الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الأثار

الحازمي - أبو بكر محمد بن موسى الحازمي الهمذاني

صفحة جزء
[ ص: 348 ] 3 - باب الحجامة للصائم

أفطر الحاجم والمحجوم - اختلف في هذا الحديث على الحسن ، رأي أبي زرعة في الحديث - رواية لشداد - اختلف على يحيى في هذا الحديث - اختلف أهل العلم في هذا الباب - تعقيب للشافعي .

أخبرني أبو مسلم محمد بن محمد بن الجنيد ، أخبرنا إسماعيل بن أحمد بن الحسين الخسروجردي ، أخبرنا أبي ، أخبرنا أبو إسحاق ، أخبرنا شافع ، أخبرنا أبو جعفر أحمد بن محمد ، حدثنا المزني ، حدثنا الشافعي ، حدثنا عبد الوهاب ، عن يونس بن عبيد ، عن الحسن ، عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أفطر الحاجم والمحجوم

هذا حديث قد اختلف فيه على الحسن :

فرواه عنه : يونس بن عبيد كما ذكرناه ، ورواه قتادة ، عن الحسن ، عن ثوبان .

[ ص: 349 ] رواه عطاء بن السائب ، عن الحسن ، عن معقل بن يسار .

ورواه مطر ، عن الحسن ، عن علي .

ورواه أشعث ، عن الحسن ، عن أسامة بن زيد .

ورواه بعضهم ، عن الحسن ، عن غير واحد من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - .

ورواه ابن جريج ، عن عطاء ، عن أبي هريرة ، مرفوعا ، وقيل : عن عطاء ، عن أبي هريرة موقوفا .

وقال الترمذي : سألت أبا زرعة عن حديث عطاء عن أبي هريرة مرفوعا ، فقال : هو حديث حسن .

أخبرنا أبو الفضل محمد بن بنيمان بن يوسف ، أخبرنا مكي بن منصور ، أخبرنا أحمد بن الحسن ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، أخبرنا الشافعي ، أخبرنا عبد الوهاب الثقفي ، عن خالد الحذاء ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث ، عن شداد بن أوس ، قال : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - زمان الفتح فرأى رجلا يحتجم لثمان عشرة خلت من رمضان فقال : أفطر الحاجم والمحجوم .

تابعه أيوب وعاصم الأحول عن أبي قلابة ، وقيل : عن عاصم ، عن أبي قلابة ، عن أبي الأشعث ، عن أبي أسماء عن شداد . الحديث .

أخبرنا محمد بن عمر بن أحمد ، أخبرنا أبو سعد محمد بن أبي عبد الله ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا أبو بكر بن خلاد ، حدثنا الحارث [ ص: 350 ] بن محمد ، حدثنا يزيد بن هارون ، حدثنا عاصم الأحول ، عن عبد الله بن زيد - وهو أبو قلابة - عن أبي الأشعث الصنعاني ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن شداد بن أوس ، قال : مررت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ثمان عشرة ليلة خلت من شهر رمضان ، فأبصر رجلا يحتجم ، فقال : أفطر الحاجم والمحجوم .

وروى يحيى بن أبي كثير هذا الحديث ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء الرحبي ، عن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . الحديث .

وكذلك رواه شيبان بن عبد الرحمن ، وهشام بن أبي عبد الله الدستوائي ، وهؤلاء أصح الناس حديثا في يحيى بن أبي كثير ، وخالفهم معمر بن راشد وهو أيضا ثبت فيه ، فرواه عنه ، عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ ، عن السائب بن يزيد ، عن رافع بن خديج ، الحديث ، فكأن يحيى بن أبي كثير رواه بالإسنادين جميعا .

وسئل أحمد بن حنبل : أيما حديث أصح عندك في أفطر الحاجم ؟ فقال : حديث ثوبان : حديث يحيى بن أبي كثير ، عن أبي قلابة ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان .

فقيل له : فحديث رافع ؟ فقال : ذاك تفرد به معمر .

وقال علي بن عبد الله المديني : لا أعلم في أفطر الحاجم حديثا أصح من ذا ، يعني حديث رافع بن خديج .

[ ص: 351 ] وقال ابن المديني أيضا في حديث شداد : لا أرى الحديثين إلا صحيحين ، وقد يمكن أن يكون أبو أسماء سمعه منهما .

ورواه العلاء بن الحارث ، وعبد الرحمن بن ثوبان ، عن مكحول ، عن أبي أسماء ، عن ثوبان .

ورواه ابن جريج ، عن مكحول : أن شيخا من الحي أخبره أن ثوبان مولى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : أفطر الحاجم والمحجوم .

[ ص: 352 ] وقال أحمد رحمه الله : أحاديث أفطر الحاجم ، ولا نكاح إلا بولي يشيد بعضها بعضا ، وأنا أذهب إليها .

وقال إسحاق : حديث شداد إسناده صحيح ، تقوم به الحجة ، وهذا الحديث صحيح بأسانيد .

وفيما روى أبو داود قال : سألت أحمد : أي حديث أصح في أفطر ؟ قال : حديث ابن جريج ، عن مكحول ، عن شيخ من الحي ، عن ثوبان .

وفي الباب عن علي ، وأسامة بن زيد ، وثوبان ، ومعقل بن يسار - ويقال : ابن سنان - وبلال ، وأبي موسى .

وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب ، فقال بعضهم : الصائم إذا احتجم في نهار رمضان بطل صومه وعليه القضاء ، وإليه ذهب عطاء والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وتمسكوا بهذه الأحاديث ورأوها صحيحة ثابتة محكمة .

وخالفهم في ذلك أكثر أهل العلم من أهل الحجاز والكوفة والبصرة والشام .

وقالوا : لا شيء عليه ، وقالوا : الحكم بالفطر منسوخ .

وناسخه ما أخبرنا أبو موسى محمد بن عمر المديني ، أخبرنا الحسن بن أحمد القاري ، أخبرنا أحمد بن عبد الله ، أخبرنا محمد بن بكر في كتابه : أخبرنا أبو داود ، حدثنا أبو معمر عبد الوارث ، عن أيوب ، عن عكرمة ، عن ابن عباس : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - احتجم وهو صائم .

[ ص: 353 ] رواه وهيب بن خالد ، عن أيوب بإسناده مثله .

وكذلك رواه جعفر بن ربيعة ، وهشام بن حسان ، عن عكرمة ، عن ابن عباس .

ورواه عبد الوارث بشر بن هلال فقال في حديثه : وهو محرم صائم .

وكذلك رواه يزيد بن أبي زياد ، عن مقسم ، عن ابن عباس ، وحديث عكرمة صحيح على شرط البخاري .

أخبرني الأمير الزاهد أبو المحاسن محمد بن علي ، أخبرنا زاهر بن أبي عبد الرحمن ، أخبرنا أحمد بن الحسين ، أخبرنا محمد بن عبد الله الضبي ، أخبرنا محمد بن يعقوب ، أخبرنا الربيع ، قال : قال الشافعي عقيب حديث ابن عباس : وأول سماع ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الفتح ، ولم يكن يومئذ محرما ، ولم يصحبه محرما قبل حجة الإسلام ، فذكر ابن عباس حجامة النبي - صلى الله عليه وسلم - عام حجة الإسلام سنة عشر ، وحديث أفطر الحاجم والمحجوم عام الفتح ، والفتح كان سنة ثمان قبل حجة الإسلام بسنتين ، فإن كانا ثابتين فحديث ابن عباس ناسخ وأفطر الحاجم والمحجوم منسوخ .

التالي السابق


الخدمات العلمية