الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب ما جاء في قول الرجل ويلك

                                                                                                                                                                                                        5807 حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا همام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يسوق بدنة فقال اركبها قال إنها بدنة قال اركبها قال إنها بدنة قال اركبها ويلك [ ص: 568 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 568 ] قوله : ( باب ما جاء في قول الرجل ويلك ) تقدم شرح هذه الكلمة في كتاب الحج عند شرح أول أحاديث الباب ، وقد قيل إن أصل " ويل " وي وهي كلمة تأوه فلما كثر قولهم وي لفلان وصلوها باللام وقدروها أنها منها فأعربوها . وعن الأصمعي : ويل للتقبيح على المخاطب فعله . وقال الراغب : ويل قبوح ، وقد تستعمل بمعنى التحسر . وويح ترحم . وويس استصغار . وأما ما ورد في جهنم فلم يرد أنه معناه في اللغة ، وإنما أراد من قال الله ذلك فيه فقد استحق مقرا من النار . وفي " كتاب من حدث ونسي " عن معتمر بن سليمان قال : قال لي [ ص: 569 ] أبي : أنت حدثتني عني عن الحسن قال ويح كلمة رحمة . وأكثر أهل اللغة على أن ويل كلمة عذاب وويح كلمة رحمة . وعن اليزيدي : هما بمعنى واحد ، تقول ويح لزيد وويل لزيد ، ولك أن تنصبهما بإضمار فعل كأنك قلت ألزمه الله ويلا أو ويحا . قلت : وتصرف البخاري يقتضي أنه على مذهب اليزيدي في ذلك ، فإنه ذكر في بعض الأحاديث في الباب ما ورد بلفظ ويل فقط وما ورد بلفظ ويح فقط وما وقع التردد فيهما ، ولعله رمز إلى تضعيف الحديث الوارد عن عائشة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها في قصة لا تجزعي من الويح فإنه كلمة رحمة ، ولكن اجزعي من الويل أخرجه الخرائطي في " مساوئ الأخلاق " بسند واه وهو آخر حديث فيه . وقال الداودي ويل وويح وويس كلمات تقولها العرب عند الذم ، قال : وويح مأخوذ من الحزن وويس من الأسى وهو الحزن . وتعقبه ابن التين بأن أهل اللغة إنما قالوا ويل كلمة تقال عند الحزن ، وأما قول ابن عرفة : الويل الحزن فكأنه أخذه من أن الدعاء بالويل إنما يكون عند الحزن . والأحاديث التي ساقها المؤلف - رحمه الله - هنا فيها ما اختلف الرواة في لفظه هل هي ويل أو ويح ، وفيها ما تردد الراوي فقال ويل أو ويح ، وفيها ما جزم فيه بأحدهما ، ومجموعها يدل على أن كلا منهما كلمة توجع يعرف هل المراد الذم أو غيره من السياق ، فإن في بعضها الجزم بويل وليس حمله على العذاب بظاهر . والحاصل أن الأصل في كل منهما ما ذكر ، وقد تستعمل إحداهما موضع الأخرى . وقوله ويس مأخوذ من الأسى متعقب لاختلاف تصريف الكلمتين .

                                                                                                                                                                                                        حديث أنس في قوله - صلى الله عليه وسلم - لسائق البدنة اركبها ويلك وما وقع فيه من اختلاف ألفاظه في قوله ثلاثا أو في الثالثة أو الرابعة وهل قال له ويلك أو ويحك تقدم شرحه في كتاب الحج .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية