الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 288 ] ثم دخلت سنة أربع وثلاثين ومائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      فيها خلع بسام بن إبراهيم بن بسام الطاعة ، وخرج على السفاح ، فبعث إليه خازم بن خزيمة فقاتله فقتل عامة أصحابه ، واستباح عسكره ، ورجع فمر بملأ من بني عبد المدان أخوال أمير المؤمنين ، فسألهم عن بعض ما فيه نصرة للخليفة ، فلم يردوا عليه ، واستهانوا به ، فأمر بضرب أعناقهم ، وكانوا قريبا من عشرين رجلا ومثلهم من مواليهم ، فاستعدى بنو عبد المدان على خازم بن خزيمة إلى أمير المؤمنين ، وقالوا : قتل أخوالك بلا ذنب . فهم السفاح بقتله ، فأشار عليه بعض الأمراء بأن لا يقتله ، ولكن ليبعثه مبعثا صعبا ، فإن سلم فذلك ، وإن قتل فذلك الذي أردت . فبعثه إلى عمان - وكان بها طائفة من الخوارج قد تمردوا - وجهز معه سبعمائة رجل ، وكتب إلى عمه سليمان بن علي نائب البصرة بحملهم في السفن إلى عمان ففعل ، فقاتل الخوارج فكسرهم وقهرهم واستحوذ على تلك البلاد ، وقتل أمير الخوارج الصفرية وهو الجلندى وقتل من أصحابه وأنصاره نحوا من عشرة آلاف ، وبعث برءوسهم إلى البصرة ، فبعث بها إلى الخليفة . ثم بعد أشهر كتب إليه السفاح أن يرجع ، فرجع سالما غانما منصورا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 289 ] وفيها غزا أبو مسلم بلاد الصغد ، وغزا أبو داود أحد نواب أبي مسلم بلاد كش ، فقتل خلقا ، وغنم من الأواني الصينية المنقوشة بالذهب شيئا كثيرا جدا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها بعث الخليفة السفاح موسى بن كعب إلى منصور بن جمهور - وهو بالهند - في اثني عشر ألفا ، فالتقاه موسى بن كعب في ثلاثة آلاف ، فهزمه واستباح عسكره .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها مات عامل اليمن محمد بن يزيد بن عبيد الله بن عبد المدان فاستخلف السفاح عليها عمه - وهو خال الخليفة - زياد بن عبيد الله . وفيها تحول السفاح من الحيرة إلى الأنبار .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس نائب الكوفة عيسى بن موسى . ونواب الأقاليم هم هم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وممن توفي فيها من الأعيان : أبو هارون العبدي عمارة بن جوين ، ويزيد بن [ ص: 290 ] يزيد بن جابر الدمشقي .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية