الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        باب ما يكره من التمادح

                                                                                                                                                                                                        5713 حدثنا محمد بن صباح حدثنا إسماعيل بن زكرياء حدثنا بريد بن عبد الله بن أبي بردة عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبي موسى قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يثني على رجل ويطريه في المدحة فقال أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( باب ما يكره من التمادح ) هو تفاعل من المدح أي المبالغ ، والتمدح التكلف والممادحة أي مدح كل من الشخصين الآخر ، وكأنه ترجم ببعض ما يدل عليه الخبر لأنه أعم من أن يكون من الجانبين أو من جانب واحد ، ويحتمل أن لا يريد حمل التفاعل فيه على ظاهره ، وقد ترجم له في الشهادات " ما يكره من الإطناب في المدح " .

                                                                                                                                                                                                        حديث أبي موسى قال فيه حدثنا محمد بن الصباح بفتح المهملة وتشديد الموحدة وآخره حاء مهملة هو البزار ، ووقع هنا في رواية أبي ذر " محمد بن صباح " بغير ألف ولام ، وتقدم الكل في الشهادات بهذا الحديث بعينه ، وأخرجه مسلم عنه فقال : " حدثنا أبو جعفر محمد بن الصباح " وهذا الحديث مما اتفق الشيخان على تخريجه عن شيخ واحد ، ومما ذكره البخاري بسنده ومتنه في موضعين ولم يتصرف في متنه ولا إسناده وهو قليل في كتابه ، وقد أخرجه أحمد في مسنده عن محمد بن الصباح ، وقال عبد الله بن أحمد بعد أن أخرجه عن أبيه عنه : قال عبد الله وسمعته أنا من محمد بن الصباح فذكره ، وإسماعيل بن زكريا شيخه هو الخلقاني بضم المعجمة وسكون اللام بعدها قاف ، وبريدة بموحدة وراء يكنى أبا بردة مثل كنية جده وهو شيخه فيه ، وقوله عن بريد في رواية الإسماعيلي " حدثنا بريد " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلا يثني على رجل ) لم أقف على اسمهما صريحا ، ولكن أخرج أحمد والبخاري في " الأدب المفرد " من حديث محجن بن الأدرع الأسلمي قال : " أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيدي " فذكر حديثا قال فيه " فدخل المسجد فإذا رجل يصلي ، فقال لي من هذا ؟ فأثنيت عليه خيرا ، فقال : اسكت لا تسمعه فتهلكه " وفي رواية له " فقلت يا رسول الله هذا فلان وهذا وهذا " وفي أخرى له " هذا فلان وهو من أحسن أهل المدينة صلاة ، أو من أكثر أهل المدينة " الحديث . والذي أثنى عليه محجن يشبه أن يكون هو عبد الله ذو النجادين المزني ، فقد ذكرت في ترجمته في الصحابة ما يقرب ذلك .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ويطريه ) بضم أوله وبالطاء المهملة من الإطراء وهو المبالغة في المدح ، وسأذكر ما ورد في بيان ما وقع [ ص: 492 ] من ذلك في الحديث الذي بعده .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( في المدحة ) بكسر الميم ، وفي نسخة مضت في الشهادات " في المدح " بفتح الميم بلا هاء ، وفي أخرى " في مدحه " بفتح الميم وزيادة الضمير والأول هو المعتمد .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( لقد أهلكتم - أو قطعتم - ظهر الرجل ) كذا فيه بالشك ، وكذا لمسلم ، وسيأتي في حديث أبي بكرة الذي بعده بلفظ قطعت عنق صاحبك وهما بمعنى ، والمراد بكل منهما الهلاك لأن من يقطع عنقه يقتل ومن يقطع ظهره يهلك .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية