الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( ياأيها الذين آمنوا لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا واسمعوا وللكافرين عذاب أليم ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم والله يختص برحمته من يشاء والله ذو الفضل العظيم ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير ألم تعلم أن الله له ملك السماوات والأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل ومن يتبدل الكفر بالإيمان فقد ضل سواء السبيل ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق فاعفوا واصفحوا حتى يأتي الله بأمره إن الله على كل شيء قدير وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله إن الله بما تعملون بصير وقالوا لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين بلى من أسلم وجهه لله وهو محسن فله أجره عند ربه ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون وقالت اليهود ليست النصارى على شيء وقالت النصارى ليست اليهود على شيء وهم يتلون الكتاب كذلك قال الذين لا يعلمون مثل قولهم فالله يحكم بينهم يوم القيامة فيما كانوا فيه يختلفون ) .

الرعاية والمراعاة : النظر في مصالح الإنسان وتدبير أموره . والرعونة والرعن : الجهل والهوج . ذو : يكون بمعنى [ ص: 337 ] صاحب ، وتثنى ، وتجمع ، وتؤنث ، وتلزم الإضافة لاسم جنس ظاهر . وفي إضافتها إلى ضمير الجنس خلاف ، المشهور : المنع ، ولا خلاف أنه مسموع ، لكن من منع ذلك خصه بالضرورة . وإضافته إلى العلم المقرون به في الوضع ، أو الذي لا يقرن به في أول الوضع مسموع . فمن الأول قولهم : ذو يزن ، وذو جدن ، وذو رعين ، وذو الكلاع . فتجب الإضافة إذ ذاك . ومن الثاني قولهم : في تبوك ، وعمرو ، وقطري : ذو تبوك ، وذو عمرو ، وذو قطري . والأكثر أن لا يعتد بلفظ ذو ، بل ينطق بالاسم عاريا من ذو . وما جاء من إضافته لضمير العلم ، أو لضمير مخاطب لا ينقاس ، كقولهم : اللهم صل على محمد وعلى ذويه ، وقول الشاعر :


وإنا لنرجو عاجلا منك مثل ما رجوناه قدما من ذويك الأفاضل



ومذهب سيبويه : أن وزنه فعل ، بفتح العين ، ومذهب الخليل : أن وزنه فعل ، بسكونها . واتفقوا على أنه يجمع في التكسير على أفعال . قالوا : أذواء . وذو من الأسماء الستة التي تكون في الرفع بالواو ، وفي النصب بالألف ، وفي الجر بالياء . وإعراب ذو كذا لازم بخلاف غيرها من تلك الأسماء ، فذلك على جهة الجواز . وفيما أعربت به هذه الأسماء عشرة مذاهب ذكرت في النحو ، وقد جاءت ذو أيضا موصولة ، وذلك في لغة طيء ، ولها أحكام ، ولم تقع في القرآن . النسخ : إزالة الشيء بغير بدل يعقبه ، نحو : نسخت الشمس الظل ، ونسخت الريح الأثر . أو نقل الشيء من غير إزالة نحو : نسخت الكتاب ، إذا نقلت ما فيه إلى مكان آخر . النسيئة : التأخير ، نسأ ينسأ ، ويأتي نسأ : بمعنى أمضى الشيء ، قال الشاعر :


أمون كألواح الأران نسأتها     على لاحب كأنه ظهر برجد



الولي : فعيل للمبالغة ، من ولي الشيء : جاوره ولصق به . الحسد : تمني زوال النعمة عن الإنسان ، حسد يحسد حسدا وحسادة . الصفح : قريب معناه من العفو ، وهو الإعراض عن المؤاخذة على الذنب ، مأخوذ من تولية صفحة الوجه إعراضا . وقيل : هو التجاوز من قولك ، تصفحت الورقة ، أي تجاوزت عما فيها . والصفوح ، قيل : من أسماء الله ، والصفوح : المرأة تستر بعض وجهها إعراضا ، قال :


صفوح فما تلقاك إلا بخيلة     فمن مل منها ذلك الوصل ملت



تلك : من أسماء الإشارة ، يطلق على المؤنثة في حالة البعد ، ويقال : تلك وتيلك وتالك ، بفتح التاء وسكون اللام ، وبكسرها وياء بعدها وكسر اللام ، وبفتحها وألف بعدها وكسر اللام ، قال :


إلى الجودي حتى صار حجرا     وحان لتالك الغمر انحسار



هاتوا : معناه أحضروا ، والهاء أصلية لا بدل من همزة أتى لتعديها إلى واحد لا يحفظ هاتي الجواب ، وللزوم الألف ، إذ لو كانت همزة لظهرت ، إذ زال موجب إبدالها ، وهو الهمزة قبلها ، فليس وزنها أفعل ، خلافا لمن زعم ذلك ، بل وزنها فاعل كرام . وهي فعل ، خلافا لمن زعم أنها اسم فعل ، والدليل على فعليتها اتصال الضمائر بها . ولمن زعم أنها صوت بمنزلة هاء في معنى أحضر ، وهو الزمخشري ، وهو أمر وفعله متصرف . تقول : هاتى يهاتي مهاتاة ، وليس من الأفعال التي أميت تصريف لفظه إلا الأمر منه ، خلافا لمن زعم ذلك . وليست ها للتنبيه دخلت على أتى فألزمت همزة أتى الحذف ؛ لأن الأصل أن لا حذف ، ولأن معنى هات ومعنى ائت مختلفان . فمعنى هات أحضر ، ومعنى ائت احضر . وتقول : هات هاتي هاتيا هاتوا هاتين ، تصرفها كرام . البرهان : الدليل على صحة الدعوى ، قيل : هو مأخوذ من البره ، وهو القطع ، فتكون النون زائدة . وقيل : من البرهنة ، وهي البيان ، قالوا : برهن إذا بين ، فتكون النون زائدة لفقدان فعلن ووجود فعلل ، فينبني على هذا الاشتقاق التسمية ببرهان ، هل ينصرف أو [ ص: 338 ] لا ينصرف ؟ الوجه : معروف ، ويجمع قلة على أوجه ، وكثرة على وجوه ، فينقاس أفعل في فعل الاسم الصحيح العين ، وينقاس فعول في فعل الاسم ليس عينه واوا . اليهود : ملة معروفة ، والياء أصلية ، فليست مادة الكلمة مادة هود من قوله : ( هودا أو نصارى ) لثبوتها في التصريف يهده . وأما هوده فمن مادة هود . قال الأستاذ أبو علي الشلوبين - وهو الإمام الذي انتهى إليه علم اللسان في زمانه - : يهود فيها وجهان ، أحدهما : أن تكون جمع يهودي ، فتكون نكرة مصروفة . والثاني : أن تكون علما لهذه القبيلة ، فتكون ممنوعة الصرف . انتهى كلامه . وعلى الوجه الأول دخلته الألف واللام فقالوا : اليهود ، إذ لو كان علما لما دخلته ، وعلى الثاني قال الشاعر :


أولئك أولى من يهود بمدحة     إذا أنت يوما قلتها لم تؤنب



ليس : فعل ماض ، خلافا لأبي بكر بن شقير ، وللفارسي في أحد قوليه ، إذ زعما أنها حرف نفي مثل ما ، ووزنها فعل بكسر العين . ومن قال : لست بضم اللام ، فوزنها عنده فعل بضم العين ، وهو بناء نادر في الثلاثي اليائي العين ، لم يسمع منه إلا قولهم : هيؤ الرجل ، فهو هيئ ، إذا حسنت هيئته . وأحكام ليس كثيرة مشروحة في كتب النحو . الحكم : الفصل ، ومنه سمي القاضي الحاكم ؛ لأنه يفصل بين الخصمين . الاختلاف : ضد الاتفاق .

التالي السابق


الخدمات العلمية