الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
[ ص: 288 ] 175

ثم دخلت سنة خمس وسبعين ومائة

وفي هذه السنة عقد الرشيد لابنه محمد بن زبيدة بولاية العهد ، ولقبه الأمين ، وأخذ له البيعة وعمره خمس سنين .

وكان سبب البيعة أن خاله عيسى بن جعفر بن المنصور جاء إلى الفضل بن يحيى بن خالد ، فسأله في ذلك ، وقال له : إنه ولدك ، وخلافته لك . فوعده بذلك ، وسعى فيها ، حتى بايع الناس له بولاية العهد .

وفيها عزل الرشيد عن خراسان العباس بن جعفر ، وولاها خالدا الغطريف بن عطاء .

وغزا الصائفة عبد الرحمن بن عبد الملك بن صالح فبلغ أقريطية .

وقيل غزاها عبد الملك نفسه ، فأصابهم برد شديد سقط منه كثير [ من ] أيدي الجند وأرجلهم .

وفيها سار يحيى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي إلى الديلم ، فتحرك هناك .

[ ص: 289 ] وحج بالناس هذه السنة هارون الرشيد .

ذكر ظفر هشام بأخويه ومطروح

وفيها فرغ هشام بن عبد الرحمن ، صاحب الأندلس ، من أخويه سليمان وعبد الله ، وأجلاهما عن الأندلس ، فلما خلا سره منهما انتدب لمطروح بن سليمان بن يقظان ، فسير إليه جيشا كثيفا ، وجعل عليهم أبا عثمان عبيد الله بن عثمان .

فساروا إلى مطروح ، وهو بسرقسطة ، فحصروه بها ، فلم يظفروا به ، فرجع أبو عثمان عنه ، ونزل بحصن طرسونة ، بالقرب من سرقسطة ، وبث سراياه على أهل سرقسطة يغيرون ويمنعون عنهم الميرة .

ثم إن مطروحا خرج في بعض الأيام ، آخر النهار ، يتصيد ، فأرسل البازي على طائر ، فاقتنصه ، فنزل مطروح ليذبحه بيده ، ومعه صاحبان له قد انفرد بهما عن أصحابه ، فقتلاه واحتزا رأسه وأتيا به أبا عثمان ، فسار إلى سرقسطة ، فكاتبه أهلها بالطاعة ، فقبل منهم ، وسار إليها فنزلها ، وأرسل رأس مطروح إلى هشام .

ذكر غزاة هشام بالأندلس

ثم إن أبا عثمان لما فرغ من مطروح أخذ الجيش ، وسار بهم إلى بلاد الفرنج ، فقصد ألبة ، والقلاع ، فلقيه العدو ، فظفر بهم ، وقتل منهم خلقا كثيرا وفتح الله عليه .

وفيها سير هشام أيضا يوسف بن بخت في جيش إلى جليقية ، فلقي ملكهم وهو برمند الكبير ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، وانهزمت الجلالقة ، وقتل منهم عالم كثير .

وفيها انقاد أهل طليطلة إلى طاعة الأمير هشام فآمنهم .

وفيها سجن هشام أيضا ابنه عبد الملك لشيء بلغه عنه ، فبقي مسجونا حياة أبيه وبعض ولاية أخيه ، فتوفي محبوسا سنة ثمان وتسعين ومائة .

[ ص: 290 ] ذكر عدة حوادث

وفيها خرج بخراسان حصين الخارجي ، وهو من موالي قيس بن ثعلبة ، من أهل أوق ، وكان على سجستان عثمان بن عمارة ، فأرسل جيشا ، فلقيهم حصين ، فهزمهم ، ثم أتى خراسان وقصد باذغيس ، وبوشنج ، وهراة ، وكتب الرشيد إلى الغطريف في طلبه ، فسير إليه الغطريف داود بن يزيد في اثني عشر ألفا ، فلقيهم حصين في ستمائة ، فهزمهم ، وقتل منهم خلقا كثيرا .

ثم سار في خراسان إلى أن قتل سنة سبع وسبعين ومائة .

[ الوفيات ]

وفيها مات الليث بن سعد الفقيه بمصر ، ومحمد بن إسحاق بن إبراهيم أبو العنبس الشاعر .

وفيها توفي المسيب بن زهير بن عمر بن مسلم الضبي ، وقيل سنة ست وسبعين ، وكان على شرط المنصور والمهدي ، وولاه المهدي خراسان .

وفيها ولد إدريس بن إدريس بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب .

التالي السابق


الخدمات العلمية