الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          ( باب الخاء مع الميم )

                                                          ( خمر ) ( هـ ) فيه خمروا الإناء وأوكئوا السقاء التخمير : التغطية .

                                                          ومنه الحديث إنه أتي بإناء من لبن ، فقال : هلا خمرته ولو بعود تعرضه عليه .

                                                          ( هـ ) ومنه الحديث لا تجد المؤمن إلا في إحدى ثلاث : في مسجد يعمره ، أو بيت يخمره ، أو معيشة يدبرها أي يستره ويصلح من شأنه .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث سهل بن حنيف انطلقت أنا وفلان نلتمس الخمر الخمر بالتحريك : كل ما سترك من شجر أو بناء أو غيره .

                                                          ( هـ ) ومنه حديث أبي قتادة فأبغنا مكانا خمرا أي ساترا يتكاثف شجره .

                                                          ومنه حديث الدجال حتى ينتهوا إلى جبل الخمر هكذا يروى بالفتح ، يعني الشجر الملتف ، وفسر في الحديث أنه جبل بيت المقدس لكثرة شجره .

                                                          ومنه حديث سلمان أنه كتب إلى أبي الدرداء : يا أخي إن بعدت الدار من الدار فإن الروح من الروح قريب ، وطير السماء على أرفه خمر الأرض تقع الأرفه : الأخصب ، يريد أن وطنه أرفق به وأرفه له فلا يفارقه . وكان أبو الدرداء كتب إليه يدعوه إلى الأرض المقدسة .

                                                          ( هـ ) وفي حديث أبي إدريس قال : دخلت المسجد والناس والناس أخمر ما كانوا أي أوفر . يقال : دخل في خمار الناس ; أي : في دهمائهم . ويروى بالجيم .

                                                          ومنه حديث أويس القرني أكون في خمار الناس أي في زحمتهم حيث أخفى ولا أعرف .

                                                          وفي حديث أم سلمة قال لها وهي حائض : ناوليني الخمرة هي مقدار ما يضع الرجل عليه وجهه في سجوده من حصير أو نسيجة خوص ونحوه من النبات ، ولا تكون خمرة إلا في هذا المقدار [ ص: 78 ] وسميت خمرة لأن خيوطها مستورة بسعفها ، وقد تكررت في الحديث . هكذا فسرت . وقد جاء في سنن أبي داود عن ابن عباس قال : جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة ، فجاءت بها فألقتها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخمرة التي كان قاعدا عليها ، فأحرقت منها مثل موضع درهم . وهذا صريح في إطلاق الخمرة على الكبير من نوعها .

                                                          ( س ) وفيه أنه كان يمسح على الخف والخمار أراد به العمامة ، لأن الرجل يغطي بها رأسه ، كما أن المرأة تغطيه بخمارها ، وذلك إذا كان قد اعتم عمة العرب فأدارها تحت الحنك فلا يستطيع نزعها في كل وقت فتصير كالخفين ، غير أنه يحتاج إلى مسح القليل من الرأس ، ثم يمسح على العمامة بدل الاستيعاب .

                                                          ( س ) ومنه حديث عمرو قال لمعاوية : ما أشبه عينك بخمرة هند الخمرة هيئة الاختمار .

                                                          وفي المثل إن العوان لا تعلم الخمرة أي المرأة المجربة لا تعلم كيف تفعل .

                                                          ( هـ ) وفي حديث معاذ من استخمر قوما أولهم أحرار وجيران مستضعفون فإن له ما قصر في بيته استخمر قوما أي استعبدهم بلغة اليمن . يقول الرجل للرجل : أخمرني كذا ; أي : أعطنيه وملكني إياه . المعنى من أخذ قوما قهرا وتملكا ، فإن من قصره ; أي : احتبسه واحتازه في بيته واستجراه في خدمته إلى أن جاء الإسلام فهو عبد له . قال الأزهري : المخامرة : أن يبيع الرجل غلاما حرا على أنه عبد ، وقول معاذ من هذا ، أراد من استعبد قوما في الجاهلية ، ثم جاء الإسلام فله ما حازه في بيته لا يخرج من يده . وقوله : وجيران مستضعفون ، أراد ربما استجار به قوم أو جاوروه فاستضعفهم واستعبدهم ، فكذلك لا يخرجون من يده ، وهذا مبني على إقرار الناس على ما في أيديهم .

                                                          ( س ) ومنه الحديث ملكه على عربهم وخمورهم أي أهل القرى ، لأنهم مغلوبون مغمورون بما عليهم من الخراج والكلف والأثقال ، كذا شرحه أبو موسى .

                                                          وفي حديث سمرة أنه باع خمرا ، فقال عمر : قاتل الله سمرة الحديث . قال الخطابي : إنما باع عصيرا ممن يتخذه خمرا ، فسماه باسم ما يئول إليه مجازا ، كقوله تعالى إني أراني أعصر خمرا [ ص: 79 ] فنقم عليه عمر ذلك ; لأنه مكروه أو غير جائز . فأما أن يكون سمرة باع خمرا فلا ، لأنه لا يجهل تحريمه مع اشتهاره .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية