الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 20 ] ثم دخلت سنة ست ومائة

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      ففيها عزل هشام بن عبد الملك عن إمرة المدينة ومكة والطائف عبد الواحد بن عبد الله النضري ، وولى على ذلك كله خاله إبراهيم بن هشام بن إسماعيل المخزومي . وفيها غزا سعيد بن عبد الملك الصائفة . وفيها غزا مسلم بن سعيد مدينة فرغانة ومعاملتها ، فلقيه عندها الترك فكانت بينهم وقعة هائلة ، قتل فيها الخاقان وطائفة كثيرة من الترك .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها أوغل الجراح الحكمي في أرض الخزر فصالحوه وأعطوه الجزية والخراج . وفيها غزا الحجاج بن عبد الملك اللان ، فقتل خلقا كثيرا وغنم وسلم . وفيها عزل خالد بن عبد الله القسري عن إمرة خراسان مسلم بن سعيد ، وولى عليها أخاه أسد بن عبد الله القسري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وحج بالناس في هذه السنة أمير المؤمنين هشام بن عبد الملك وكتب إلى أبي الزناد قبل دخوله المدينة ليتلقاه ويكتب له مناسك الحج ، ففعل ، وتلقاه الناس من المدينة إلى أثناء الطريق ، وفيهم أبو الزناد قد امتثل ما أمر به ، وتلقاه فيمن تلقاه سعيد بن عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفان فقال له : يا أمير المؤمنين ، إن أهل بيتك في مثل هذه المواطن الصالحة لم يزالوا يلعنون أبا تراب ، [ ص: 21 ] فالعنه أنت أيضا . قال أبو الزناد : فشق ذلك على هشام واستثقله ، وقال : ما قدمت لشتم أحد ولا للعنة أحد ، إنما قدمنا حجاجا . ثم قطع كلامه ، وأقبل على أبي الزناد يحادثه ، ولما انتهى إلى مكة عرض له إبراهيم بن طلحة فتظلم إليه في أرض ، فقاله له : أين كنت عن عبد الملك ؟ قال : ظلمني . قال : فالوليد ؟ قال : ظلمني . قال : فسليمان ؟ قال : ظلمني . قال : فعمر بن عبد العزيز ؟ قال : ردها علي . قال : فيزيد ؟ قال : انتزعها من يدي وهي الآن في يدك . فقال له هشام : أما لو كان فيك مضرب لضربتك . فقال : بلى في مضرب بالسيف والسوط . فانصرف هشام عنه وهو يقول لرجل معه : ما رأيت أفصح من هذا .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وفيها كان العامل على مكة والمدينة والطائف إبراهيم بن هشام بن إسماعيل ، وعلى العراق وخراسان خالد القسري .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية