الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف : رحمه الله تعالى ( إذا تيمم لعدم الماء ثم رأى الماء ، فإن كان قبل الدخول في الصلاة بطل تيممه ; لأنه لم يحصل في المقصود ، فصار كما لو رأى الماء في أثناء التيمم ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) إذا تيمم لحدث أصغر أو أكبر ثم رأى ماء يلزمه استعماله بطل تيممه بلا خلاف عندنا ، سواء رآه في أثناء التيمم أو بعد الفراغ منه . وقولنا : تيمم لعدم الماء احتراز ممن تيمم لمرض أو جراحة ونحوهما مما لا يشترط فيه عدم الماء ، فإن هذا لا يؤثر فيه وجود الماء . وقولنا : ماء يلزمه استعماله احتراز مما إذا رآه ولم يتمكن من استعماله بأن كان دونه حائل أو كان محتاجا إليه لعطش ونحوه ، فإنه لا يبطل تيممه ; لأن وجود هذا الماء كالعدم ، [ ص: 349 ] ولا فرق عندنا بين أن يجد الماء وقد ضاق وقت الصلاة بحيث لو اشتغل بالوضوء خرج وقت الصلاة ، ولو صلى بالتيمم أدرك وبين ألا يضيق ، هذا مذهبنا .

                                      ونقل ابن المنذر في كتابيه كتاب الإجماع وكتاب الإشراف إجماع العلماء عليه . ونقل أصحابنا عن أبي سلمة بن عبد الرحمن التابعي والشعبي أنهما قالا : إن رأى الماء بعد الفراغ من التيمم لا يبطل ، وإن رآه في أثنائه بطل ، ونقل القاضي أبو الطيب وغيره الإجماع على أن رؤيته في الثانية يبطل ، واحتج لأبي سلمة بأن وجود المبدل بعد فراغه من البدل لا يبطل البدل كما لو وجد المكفر الرقبة بعد فراغه من الصوم ، وكما لو فرغت من العدة بالأشهر ثم حاضت .

                                      واحتج أصحابنا بقوله صلى الله عليه وسلم : { الصعيد الطيب وضوء المسلم ، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته } وهو صحيح سبق بيانه ، وبالقياس على رؤيته في أثناء التيمم ، وبأن التيمم لا يراد لنفسه بل للصلاة ، فإذا وجد الأصل قبل الشروع في المقصود لزم الأخذ بالأصل ، كالحاكم إذا سمع شهود الفرع ، ثم حضر شهود الأصل قبل الحكم ، والجواب عن الصوم والأشهر : أنهما مقصودان . وذكر القاضي عبد الوهاب المالكي أن مذهبهم : أنه يتوضأ إلا أن يخشى فوت الوقت ، ومذهبنا ومذهب الجمهور : أنه لا فرق ; لأنه واجد للماء ، والله أعلم .

                                      قال أصحابنا : ولو توهم القدرة على ما يجب استعماله ، بطل تيممه كما لو تيقنه ، وذلك بأن يرى سرابا ونحوه أو جماعة يجوز أن معهم ماء ، وإنما يبطل في جميع هذه الصور ، إذا لم يقارن ذلك ما يمنع وجوب استعماله ، بأن يحول دونه سبع ونحوه ، أو يحتاج إليه للعطش ، وقد سبقت المسألة بنظائرها والله أعلم



                                      ( فرع ) إذا ظن المتيمم العاري القدرة على الثوب فلم يكن لم يبطل تيممه بلا خلاف ; وعلله الغزالي بأن طلبه ليس من شرط التيمم ، والله أعلم .




                                      الخدمات العلمية