الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                      صفحة جزء
                                      قال المصنف رحمه الله تعالى ( : إذا تيمم عن الحدث استباح ما يستباح بالوضوء ، فإن أحدث بطل تيممه كما يبطل وضوءه ، ويمنع مما كان يمنع منه قبل التيمم ، وإن تيمم عن الجنابة استباح ما يستباح بالغسل من الصلاة وقراءة القرآن ، فإن أحدث منع من الصلاة ولم يمنع من قراءة القرآن ; لأن تيممه قام مقام الغسل ، ولو اغتسل ثم أحدث لم يمنع من القراءة ، فكذا إذا تيمم ثم أحدث ، وإن تيمم ثم ارتد بطل تيممه ; لأن التيمم لا يرفع الحدث وإنما تستباح به الصلاة والمرتد ليس من أهل الاستباحة ) .

                                      التالي السابق


                                      ( الشرح ) في الفصل ثلاث مسائل : ( إحداها ) : إذا تيمم أو توضأ ثم ارتد والعياذ بالله فهل يبطلان ؟ فيه ثلاثة أوجه سبق بيانها في أول باب ما ينقض الوضوء ، أصحها : يبطل التيمم دون الوضوء . الثاني : يبطلان والثالث : لا يبطلان .

                                      ( الثانية ) : إذا تيمم عن الحدث الأصغر استباح ما يستبيح بالوضوء من الصلاة وغيرها إلا الجمع بين فرضين ونحوه مما سبق ، فإذا أحدث بطل تيممه ومنع ما كان يمنعه قبل التيمم كما لو توضأ ثم أحدث .

                                      ( الثالثة ) : إذا تيمم عن الحدث الأكبر كجنابة وحيض استباح الصلاة [ ص: 348 ] والقراءة والمكث في المسجد وغيرها مما يباح بالغسل فإذا أحدث منع من الصلاة والطواف ومس المصحف وحمله . ولا يمنع من قراءة القرآن والمكث في المسجد ، ويستمر جواز القراءة والمكث وإن أراد تيمما جديدا . وهذا كله باتفاق الأصحاب في كل الطريق إلا ما انفرد به الدارمي ، فقال : إذا تيمم الجنب فصلى ثم أراد التيمم لحدث أو غيره هل يقرأ القرآن قبل تيممه ؟ فيه وجهان ، قال أبو حامد : لا يجوز وقال ابن المرزبان : يجوز ، وهذا النقل شاذ متروك ثم إن الجمهور أطلقوا الجزم باستباحته ولم يفرقوا بين الحاضر والمسافر ، وقال البغوي : إذا تيمم الجنب في الحضر وصلى هل له قراءة القرآن ؟ وهل له مس المصحف جنبا كان أو محدثا ؟ فيه وجهان الأصح : الجواز والمشهور : ما سبق وهو أن الحاضر كالمسافر ، فيباح له كل ذلك ، أما إذا تيمم جنب ثم رأى الماء فيحرم عليه جميع ما حرم عليه قبل التيمم حتى يغتسل . ولو تيمم جنب ثم أحدث ثم وجد ماء لا يكفيه للوضوء قال البغوي وغيره : إن قلنا : يجب استعمال الناقص بطل تيممه في كل شيء فيستعمله ثم يتيمم ، وإن قلنا : لا يجب استعمال الناقص ، فتيممه باق على الصحة في جواز القراءة والاعتكاف ، وبطل في حق الصلاة ، فإذا تيمم استباحها والله أعلم .

                                      ( فرع ) لا يعرف جنب يباح له القراءة والمكث في المسجد دون الصلاة أو مس المصحف إلا من تيمم عن الجنابة ثم أحدث ، والله أعلم




                                      الخدمات العلمية