الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        فصل

                                                                                                                                                                        إذا فسد القراض بتخلف بعض الشروط ، فله ثلاثة أحكام . أحدها : تنفذ تصرفاته كنفوذها في القراض الصحيح لوجود الإذن كالوكالة الفاسدة . الثاني : سلامة الربح بكماله للمالك . الثالث : استحقاق العامل أجرة مثل عمله ، سواء كان في المال ربح ، أم لا ، وهذه الأحكام مطردة في صور الفساد ، لكن لو قال : قارضتك على أن جميع الربح لي ، وقلنا : هو قراض فاسد ، لا إبضاع ، ففي استحقاق العامل أجرة المثل ، وجهان . أصحهما : المنع لأنه عمل مجانا .

                                                                                                                                                                        [ ص: 126 ] فرع

                                                                                                                                                                        قال في المختصر لو دفع إليه ألفا وقال : اشتر بها هرويا أو مرويا بالنصف ، فهو فاسد . واختلفوا في سبب فساده ، فالأصح ، وفي سياق الكلام ما يقتضيه : أنه تعرض للشراء دون البيع ، وهذا تقريع على الأصح أن التعرض للشراء لا يغني عن التعرض للبيع بل لا بد من لفظ المضاربة ونحوها لتناول البيع والشراء ، أو [ من ] لفظ البيع والشراء جميعا . وإذا اقتصر على الشراء ، فللمدفوع إليه الشراء دون البيع ، والربح كله للمالك ، والخسران عليه . وقيل : يكفي التعرض للشراء ، ويتضمن الإذن في البيع بعده ، وقيل : إذا أتى بلفظ المضاربة أو القراض كان كقوله : اشتر ، من غير تعرض للبيع . والصحيح : الصحة . وقيل : سببه أنه لم يبين لمن النصف .

                                                                                                                                                                        واعترض ابن سريج على هذا ، بأن الشرط ينصرف إلى العامل ، لأن المالك يستحق بالمال ، لا بالشرط . وقال ابن أبي هريرة : سبب الفساد ، أنه لم يعين أحد النوعين ، ولا أطلق التصرف في أنواع الأمتعة . واعترض القاضي حسين عليه ، بأنه لو عين أحدهما ، حكمنا بالصحة ، فإذا ذكرهما على الترديد ، زاد العامل بسطة وتخييرا ، فهو أولى بالصحة .

                                                                                                                                                                        قلت : هذا الاعتراض ليس بمقبول ، لأن حاصله أنه حمل لفظة " أو " على التخيير ، وابن أبي هريرة ينكر ذلك ويقول : إنما أذن له في أحدهما وشك في المراد . والله أعلم .

                                                                                                                                                                        وقيل : سببه أن القراض إنما يصح إذا أطلق التصرف في الأمتعة ، أو عين جنسا يعم وجوده ، والهروي والمروي ليسا كذلك ، وكأن هذا القائل يقرضه [ ص: 127 ] في بلد لا يعمان فيه . وقال الإمام : يجوز أن يكون سببه أنه أرسل ذكر النصف ولم يقل : نصف الربح .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية