الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                        الثالثة : إذا جلسا بين يديه ، فله أن يسكت حتى يتكلما ، وله أن يقول : ليتكلم المدعي منكما ، وأن يقول للمدعي إذا عرفه : تكلم ، ولو خاطبهما بذلك الأمين الواقف على رأسه ، كان أولى ، فإذا ادعى المدعي ، طالب خصمه بالجواب ، وقال : ما تقول ؟ وفيه وجه ضعيف أنه لا يطالبه بالجواب حتى يسأله المدعي ، ثم ينظر في الجواب إن أقر بالمدعى ، فللمدعي أن يطلب من القاضي الحكم عليه ، وحينئذ يحكم ، بأن يقول له : اخرج من حقه ، أو كلفتك الخروج من حقه ، أو ألزمتك ، وما أشبههما . وهل يثبت المدعى بمجرد الإقرار ، أم يفتقر ثبوته إلى قضاء القاضي ؟ وجهان أحدهما : يفتقر كالثبوت بالبينة ، وأصحهما لا ؛ لأن دلالة الإقرار على وجوب الحق جلية ، والبينة تحتاج إلى نظر واجتهاد . هكذا ذكرت المسألة ولا يظهر الخلاف فيها ؛ لأنه إن كان الكلام في ثبوت المدعى به في نفسه ، فمعلوم لأنه لا يتوقف على الإقرار ، فكيف على الحكم بعد الإقرار ؟ وإن كان المراد المطالبة والإلزام ، فلا خلاف أن للمدعي الطلب بعد الإقرار وللقاضي الإلزام ، وإن أنكر المدعى عليه ، فللقاضي أن يسكت ، وله أن يقول للمدعي : ألك بينة ، [ ص: 163 ] وقيل : لا يقول ذلك ؛ لأنه كالتلقين والصحيح الأول ، فإن قال المدعي : لي بينة ، وأقامها ، فذاك ، وإن قال : لا أقيمها ، وأريد يمينه ، مكن منه ، وإن قال : ليس لي بينة حاضرة فحلف القاضي المدعى عليه ثم جاء ببينة سمعت ، وإن قال : لا بينة لي حاضرة ، ولا غائبة ، سمعت أيضا على الأصح ؛ لأنه ربما لم يعرف ، أو نسي ، ثم عرف أو تذكر ، وقيل : لا يسمع للمناقضة إلا أن يذكر لكلامه تأويلا ، ككنت ناسيا أو جاهلا . ولو قال : لا بينة لي ، واقتصر عليه ، فقال البغوي : هو كقوله لا بينة لي حاضرة ، وقيل : كقوله لا حاضرة ولا غائبة ، فيكون فيه الوجهان ، ولو قال : شهودي عبيد أو فسقة ، ثم أتى بعدول ، قبلنا شهادتهم إن مضى زمان يمكن فيه العتق والاستبراء .

                                                                                                                                                                        فرع

                                                                                                                                                                        حكى الهروي وجهين في أن الحق يجب بفراغ المدعي من اليمين المردودة ، أم لا بد من حكم الحاكم ، أو أشار إلى بنائهما على أن اليمين المردودة كالبينة أم كالإقرار ؟ .

                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية