الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                النوع السابع : الصوم ، وفي ( الجواهر ) : الناذر الصوم يلزمه يوم ، وفي لزوم التتابع في الصوم المتعدد أقوال : ثالثها : إن ذكر أعواما أو شهورا جملة أو آحادا لزمه ، أو أياما فلا ، ومذهب ( الكتاب ) عدم اللزوم مطلقا ، وقال في ( الكتاب ) : وناذر الشهور المتتابعة وغير المتتابعة له صومها بالأهلة ، وبغير الأهلة ، فإن صامها بالأهلة ، وكان الشهر تسعة وعشرين أجزأه ، أو بغير الأهلة أكمله ثلاثين ، وإن صام بعض شهر فله أن يصوم بالأهلة ثم يكمل الأول ، وناذر سنة غير معينة يصوم [ ص: 93 ] اثني عشر شهرا ليس فيها رمضان ، ولا يوم الفطر ، ولا أيام الذبح ، وما صام من الأشهر فعلى الأهلة ، وما أفطر فيه لعذر أتمه ثلاثين ، ولو عين يوما بصوم تعين ، ولو شرط التتابع لزمه . قاله في ( الكتاب ) والقائل : أصوم هذه السنة ، لم يلزمه قضاء أيام العيد والتشريق ورمضان ، إلا أن ينويه ، وروي أن ناذر ذي الحجة يقضي أيام النحر إلا أن ينوي عدم القضاء ، والقولان في ( المدونة ) وبالأول أخذ ابن القاسم ، وفي ( الكتاب ) : يصوم في السنة المعينة آخر أيام التشريق ، وما أفطره فيها لعذر فلا قضاء عليه ، وإلا قضاه ، وإن أفطر شهرا لغير عذر وكان تسعة وعشرين قضى عدد أيامه متتابعا أحب إلي ، ويجب قضاء ما أفطر في السفر . قال في ( الكتاب ) : لا أدري ما السفر . قال ابن القاسم : وكأنه أحب أن يقضي ، وهو خلاف نقل ( الجواهر ) . وناذر سنة لا يكفيه إلا اثنا عشر شهرا ، ولا يسقط رمضان ولا العيدان والحيض ، وناذر صوم يوم يقدم فلان ، فقدم ليلا يصوم صبيحة تلك الليلة . قاله في ( الكتاب ) وقال ( ش ) وابن حنبل لا يصوم لفوات شرط القدوم في اليوم ، وهو النهار لقوله تعالى : ( فعدة من أيام أخر ) ( البقرة : 184 ) وجوابه : أن الليلة تبع للنهار ؛ لقوله ، عليه السلام : ( من صام رمضان وأتبعه بست من شوال ) ولم يقل : بستة ، فإن قدم نهارا : فقال ابن القاسم في ( الكتاب ) و ( ش ) ، و ( ح ) : لا شيء عليه لتعذره عليه شرعا ، وقال أشهب : يصوم غيره ; لأن الشرط يقتضي مشروطه بعده ، والقدوم في اليوم مشترط ، ولو قدم في الأيام المحرم صومها ، فالمنصوص نفي القضاء لتعذره شرعا .

                                                                                                                والقضاء فرع سبب وجود الأداء . قال عبد الملك : ولو علم بقدومه أول النهار ، فبيت الصيام لم يجزئه لتقدمه على سبب الوجوب كالصلاة قبل الزوال ، وليصم اليوم الذي يليه ، [ ص: 94 ] ولو نذر صوم يوم قدومه أبدا لزمه إلا أن يوافق يوما محرما ، فلا يقضي ، وكذلك إن مرضه ، وقال ابن حبيب : يقضي في المرض أول ما يصح ، ولو نذر صوم يوم سماه ، فوافق يوم حيض أو مرض لم يقضه . قاله في ( الكتاب ) وكذلك لو كان شهرا ، وقيل : يلزمه القضاء ، وفي ( الكتاب ) : ناذر الشهر المعين يفطره متعمدا يقضي عدد أيامه متتابعات أفضل ، فإن نذره متتابعا بغير علة فأفطر منه ابتدأه ، وناذر صوم يوم بعينه يفطره متعمدا يقضيه ، وكره مالك نذر صوم يوم لوقته ، وناذر صوم الدهر يلزمه ، ولا شيء عليه لأيام العيد والحيض ورمضان ، وله الفطر بالمرض والسفر ، ولا قضاء لتعذره ، وقاله ( ش ) ونذر صوم يوم العيد أو الشك ملغى كنذر الصلاة في الأوقات المكروهة ، وقاله ( ش ) وهو مذهب الكتاب .

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                الخدمات العلمية