الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
5504 - وعن جابر - رضي الله عنه - أن امرأة من اليهود بالمدينة ولدت غلاما ممسوحة عينه ، طالعة نابه ، فأشفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يكون الدجال ، فوجده تحت قطيفة يهمهم ، فآذنته أمه فقالت : يا عبد الله ! هذا أبو القاسم ، فخرج من القطيفة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " ما لها قاتلها الله ؟ لو تركته لبين " . فذكر مثل معنى حديث ابن عمر ، فقال عمر بن الخطاب : ائذن لي يا رسول الله ! فأقتله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : " إن يكن هو فلست صاحبه ، إنما صاحبه عيسى بن مريم ، وإلا يكن هو فليس لك أن تقتل رجلا من أهل العهد " فلم يزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مشفقا أنه هو الدجال . رواه في ( شرح السنة ) .

التالي السابق


5504 - ( وعن جابر أن امرأة من اليهود بالمدينة ولدت غلاما ممسوحة عينه ) أي : اليمنى ، وقيل : اليسرى ، ( طالعة نابه ) ، هكذا هو في شرح السنة ، والظاهر طالعا نابه إلا أن يراد به الجنس والتعدد فيه على التمحل ، ذكره الطيبي - رحمه الله - فالمعنى طالعة أنيابه .

وفي القاموس : الناب السنة خلف الرباعية مؤنث ، فالتعدد باعتبار الطرفين والجمع باعتبار أن الأقل يكون لاثنين . وهذا الحديث يقوي رواية : أضرس . فيما تقدم ، والله تعالى أعلم .

( فأشفق ) أي : خاف ( رسول الله - صلى الله تعالى عليه سلم - ) أي : على أمته ( أن يكون ) أي : هو ( الدجال ، فوجده تحت قطيفة يهمهم ) .

أي يتكلم بكلام غير مفهوم ، ( فآذنته ) : بالمد أي أعلمته ( أمه ) أي : بمأتى النبي - صلى الله تعالى عليه وسلم - إياه ( فقالت : يا عبد الله ! ) : يحتمل العلمية والوصفية ( هذا أبو القاسم ) أي : حاضر أو حضر ، فتنبه له وتهيأ لكلامه ، ( فخرج من القطيفة فقال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " ما لها " ) : ما : للاستفهام مبتدأ ، ولها : خبره ، أي : أي شيء لها ؟ ( " قاتلها الله " ) دعاء عليها زجرا لها : ( " لو تركته لبين " ) أي : لأظهر ما في ضميره .

[ ص: 3493 ] ( فذكر ) أي : جابر ( مثل معنى حديث ابن عمر ) أي : الحديث الأول من باب قصة ابن صياد ، ( فقال عمر بن الخطاب : ائذن لي ) : أمر من الإذن ، أي : أعطني الإجازة يا رسول الله ( فأقتله ) : بالنصب على جواب الأمر ، ( فقال رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم : " إن يكن هو " ) أي : ابن الصياد الدجال ( " فلست صاحبه " ) أي : صاحب قتله ومباشرة هلاكه ، ( إنما صاحبه عيسى بن مريم ، وإن لا يكن ) : استعمال " لا " أولى هنا من قولهم في مثل هذا المقام ، وإن لم يكن ( " فليس لك أن تقتل رجلا من أهل العهد " ) أي : من الذمة والجزية ، ( فلم يزل رسول الله - صلى الله تعالى عليه وسلم - مشفقا ) أي : خائفا على أمته ( أنه ) أي : ابن الصياد ( هو الدجال . رواه ) أي : البغوي ( في شرح السنة ) ، بإسناده .

قال بعض المحققين : الوجه في الأحاديث الواردة في ابن صياد مع ما فيها من الاختلاف والتضاد أن يقال : إنه - صلى الله تعالى عليه وسلم - حسبه الدجال قبل التحقيق بخبر المسيح الدجال ، فلما أخبر - صلى الله تعالى عليه وسلم - بما أخبر به من شأن قصته في حديث تميم الداري ، ووافق ذلك ما عنده ، تبين له - صلى الله عليه وسلم - أن ابن الصياد ليس بالذي ظنه ، ويؤيده ما ذكره أبو سعيد حين صحبه إلى مكة ، وأما توافق النعوت في أبوي الدجال وأبوي ابن صياد ، فليس مما يقطع به قولا ، فإن اتفاق الوصفين لا يلزم منه اتحاد الموصوفين ، وكذا حلف عمر وابنه مع عدم إنكاره - صلى الله تعالى عليه وسلم - من أنه الدجال ، فإن كل ذلك قبل تبين الحال ، وقد كان للدجال في بعض علاماته ما أورث ذلك فيه - صلى الله تعالى عليه وسلم - إشفاقا منه .




الخدمات العلمية