الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
1749 [ ص: 153 ] حديث ثاني عشر ليحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار

مالك ، عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار أن عروة بن الزبير حدثه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل بيت أم سلمة ، وفي البيت صبي يبكي ، فذكروا أن به العين قال عروة ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ألا تسترقون له من العين .

التالي السابق


هذا حديث مرسل ، عند جميع الرواة ، عن مالك في الموطأ ، وهو حديث صحيح يستند معناه من طرق ثابتة ، وقد تقدم ذكر بعضها في باب حميد بن قيس من كتابنا هذا في قصة ابني جعفر ، وفيه رواية النظير عن النظير .

وقد روى هذا الحديث أبو معاوية ، عن يحيى بن سعيد ، عن سليمان بن يسار ، عن عروة ، عن أم سلمة ذكره البزار قال : حدثنا أبو كريب قال : حدثنا أبو معاوية .

وحدثنا أحمد بن قاسم ، وعبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال : حدثنا روح قال : حدثني ابن جريج قال : أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله [ ص: 154 ] يقول : إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لأسماء ابنة عميس : ما شأن أجسام بني أخي ضارعة أتصيبهم حاجة ؟ قالت : لا ، ولكن تسرع إليهم العين أفنرقيهم ؟ قال : وبماذا ؟ فعرضت عليه ، فقال : ارقيهم .

وحدثنا خلف بن أحمد قال : حدثنا أحمد بن سعيد قال : حدثنا محمد بن الربيع بن سليمان قال : حدثنا يوسف بن سعيد قال : حدثنا حجاج بن محمد ، عن ابن جريج قال : أخبرني أبو الزبير قال : سمعت جابر بن عبد الله يقول : كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص لبني عمرو بن حزم في رقية الحمة قال : وقال لأسماء بنت عميس : ما شأن أجسام بني أخي ضارعة ؟ ، فذكر مثله حرفا بحرف إلى آخره .

وحدثنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا بكر بن حماد قال : حدثنا مسدد قال : حدثنا سفيان ، عن عمرو بن دينار ، عن عروة بن عامر ، عن عبيد بن رفاعة البارقي أن أسماء بنت عميس قالت : يا رسول الله إن بني جعفر تصيبهم العين أفأسترقي لهم ؟ قال : نعم لو كان شيء سابق القدر لسبقته العين .

وحدثنا عبد الوارث قال : حدثنا قاسم قال : حدثنا محمد بن غالب قال : حدثنا سهل بن بكار قال : حدثنا ، وهيب ، عن أبي واقد ، عن أبي سلمة ، عن عائشة قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : استعيذوا بالله من العين ; فإن العين حق [ ص: 155 ] قال أبو واقد ، وذكر ابن وهب ، عن يونس ، عن ابن شهاب قال : بلغني عن رجال من أهل العلم أنهم كانوا يقولون : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الرقى حين قدم المدينة ، وكانت الرقى في ذلك الزمان فيها كثير من كلام الشرك ، فلما قدم المدينة لدغ رجل من أصحابه ، فقالوا : يا رسول الله ، قد كان آل حزم يرقون من الحمة ، فلما نهيت ، عن الرقى تركوها ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ادعوا لي عمارة بن حزم ، ولم يكن له ولد ، وكان قد شهد بدرا ، فدعي له ، فقال : اعرض علي رقيتك ، فعرضها عليه ، فلم ير بها بأسا ، وأذن لهم بها .

قال ابن وهب ، وأخبرني أسامة بن زيد الليثي قال : حدثني أبو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال : عرض آل عمرو بن حزم رقيتهم على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمرهم أن يرقوا بها .

قال ابن وهب ، وأخبرني ابن لهيعة ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال جاء رجل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : إني أرقي من العقرب ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : من استطاع منكم أن ينفع أخاه فليفعل .

قال ابن وهب : وأخبرني ابن لهيعة ، عن عبد الله بن المغيرة أن كثير بن أبي سليمان العدوي أخبره ، عن عبد الله بن عمرو أنه قال : كثير من الرقى ، والأخذة ، والكهانة ، ونظر في النجوم طرف من السحر .

[ ص: 156 ] قال ابن وهب : وأخبرني ابن سمعان قال : سمعت رجالا من أهل العلم يقولون : إذا لدغ الإنسان فنهشته حية أو لسعته عقرب ، فليقرأ الملدوغ بهذه الآية ( نودي أن بورك من في النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين ) . فإنه يعافى بإذن الله .

قال أبو عمر :

لا أعلم خلافا بين أهل العلم في جواز الاسترقاء من العين والحمة ، وقد ثبت ذلك عن النبي - صلى الله عليه وسلم - والآثار في الرقي أكثر من أن تحصى .

وقال جماعة من أهل العلم : الرقي جائز من كل وجع ، ومن كل ألم ، ومن العين وغير العين .

وحجتهم حديث عثمان بن أبي العاصي ، ومثله عن النبي - صلى الله عليه وسلم - في جواز الرقي من الوجع ، وقد ذكرنا حديث عثمان بن أبي العاصي في باب يزيد بن خصيفة من هذا الكتاب ، وحديث ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا اشتكى قرأ على نفسه بالمعوذات ، ونفث ، وروى إبراهيم ، عن الأسود مثله بمعناه .

وروى أنس ، وعائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه كان إذا دخل على مريض قال : أذهب البأس رب الناس الحديث .

وروى محمد بن حاطب ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مثله [ ص: 157 ] وروى صالح بن كيسان ، عن أبي بكر بن سليمان بن أبي حثمة ، عن الشفاء أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دخل عليها ، فقال لها : علمي حفصة رقية النملة كما علمتها الكتاب .

ومن حديث عبادة ، وأبي سعيد الخدري ، وميمونة ، وعائشة ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - جواز الرقى من كل شيء يشتكى به من الأوجاع كلها .

وقال آخرون : لا رقية إلا من عين أو لدغة عقرب ، واحتجوا بقوله - صلى الله عليه وسلم - لا رقية إلا من عين أو حمة . والحمة لدغة العقرب ، وهذا حديث يرويه الشعبي ، واختلف عليه فيه اختلافا كثيرا .

حدثنا سعيد بن نصر ، وعبد الوارث بن سفيان قالا : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا محمد بن وضاح قال : حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال : حدثنا إسحاق بن سليمان ، عن أبي جعفر الرازي ، عن حصين ، عن الشعبي ، عن بريدة الأسلمي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا رقية إلا من عين أو حمة .

وحدثنا خلف بن القاسم قال : حدثنا الحسين بن جعفر الزيات قال : حدثنا يوسف بن يزيد قال : حدثنا العباس بن طالوت حدثنا أبو عوانة ، عن حصين ، عن الشعبي ، عن بريدة الأسلمي قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا رقية إلا من عين أو حمة .

[ ص: 158 ] ورواه مالك بن مغول ، عن حصين ، عن الشعبي ، عن عمران بن حصين حدثنا عبد الوارث بن سفيان قال : حدثنا قاسم بن أصبغ قال : حدثنا أحمد بن زهير قال : حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين قال : حدثنا مالك بن مغول ، عن حصين ، عن الشعبي ، عن عمران بن حصين قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : لا رقية إلا من عين أو حمة .

ورواه مجاهد ، عن الشعبي ، عن جابر ، ورواه العباس بن ذريح ، عن الشعبي ، عن أنس .

حدثنا عبد الوارث حدثنا قاسم حدثنا أحمد بن زهير حدثنا عبد الله بن محمد الكرماني حدثنا يحيى بن زكرياء بن أبي زائدة حدثنا مجاهد ، عن الشعبي ، عن جابر ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : لا رقية إلا من عين أو حمة أو دم لا يرقأ .

وقد مضى في باب حميد بن قيس في قصة ابني جعفر كثير من معاني هذا الباب .

ومضى فيه حديث حجاج ، عن ابن جريج ، عن أبي الزبير ، عن جابر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرخص لبني عمرو بن حزم في رقية الحمة .

قال ابن وهب الحمة اللدغة .




الخدمات العلمية