الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      [ ص: 439 ] باب جامع لأحاديث متفرقة وردت في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      قد تقدم في رواية نافع بن جبير عن علي بن أبي طالب ، أنه قال : لم أر قبله ولا بعده مثله .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      وقال يعقوب بن سفيان : حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي وسعيد بن منصور ، ثنا عمر بن يونس ، ثنا عمر بن عبد الله مولى غفرة ، حدثني إبراهيم بن محمد من ولد علي ، قال : كان علي إذا نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لم يكن بالطويل الممغط ولا القصير المتردد ، وكان ربعة من القوم ، ولم يكن بالجعد القطط ، ولا بالسبط ، كان جعدا رجلا ، ولم يكن بالمطهم ولا المكلثم ، وكان في الوجه تدوير ، أبيض مشربا ، أدعج العينين ، أهدب الأشفار ، جليل المشاش والكتد ، أجرد ذا مسربة ، شثن الكفين والقدمين ، إذا مشى تقلع كأنما يمشي [ ص: 440 ] في صبب ، وإذا التفت التفت معا ، بين كتفيه خاتم النبوة ، أجود الناس كفا ، وأرحب الناس صدرا ، وأصدق الناس لهجة ، وأوفى الناس ذمة ، وألينهم عريكة ، وألزمهم عشرة ، من رآه بديهة هابه ، ومن خالطه معرفة أحبه ، يقول ناعته : لم أر قبله ولا بعده مثله . وقد روى هذا الحديث الإمام أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب " الغريب " ، ثم روى عن الكسائي والأصمعي وأبي عمرو تفسير غريبه ، وحاصل ما ذكره مما فيه غرابة أن المطهم هو الممتلئ الجسم ، والمكلثم شديد تدوير الوجه ، يعني لم يكن بالسمين الناهض ، ولم يكن ضعيفا ، بل كان بين ذلك ، ولم يكن وجهه في غاية التدوير بل فيه سهولة ، وهي أحلى عند العرب ومن يعرف ، وكان أبيض مشربا حمرة ، وهي أحسن اللون ، ولهذا لم يكن أمهق اللون ، والأدعج هو شديد سواد الحدقة ، وجليل المشاش هو عظيم رؤوس العظام مثل الركبتين والمرفقين والمنكبين ، والكتد الكاهل وما يليه من الجسد . وقوله : شثن الكفين . أي : غليظهما . وتقلع في مشيته ، أي شديد المشية ، وتقدم الكلام على الشكلة والشهلة والفرق [ ص: 441 ] بينهما ، والأهدب طويل أشفار العين ، وجاء في حديث أنه كان شبح الذراعين يعني غليظهما . والله تعالى أعلم .

                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية