الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        4557 حدثنا الحسن بن عبد العزيز حدثنا عبد الله بن يحيى أخبرنا حيوة عن أبي الأسود سمع عروة عن عائشة رضي الله عنها أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم من الليل حتى تتفطر قدماه فقالت عائشة لم تصنع هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قال أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا فلما كثر لحمه صلى جالسا فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع [ ص: 449 ]

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        [ ص: 449 ] الحديث الخامس حديث عائشة في ذلك : قوله : ( أنبأنا حيوة ) هو ابن شريح المصري ، وأبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن النوفلي المعروف بيتيم عروة ، ونصف هذا الإسناد مصريون ونصفه مدنيون ، وقد تقدم شرحه في صلاة الليل .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فلما كثر لحمه ) أنكره الداودي وقال : المحفوظ " فلما بدن " أي كبر فكأن الراوي تأوله على كثرة اللحم انتهى . وتعقبه أيضا ابن الجوزي فقال : لم يصفه أحد بالسمن أصلا ، ولقد مات - صلى الله عليه وسلم - وما شبع من خبز الشعير في يوم مرتين ، وأحسب بعض الرواة لما رأى " بدن " ظنه كثر لحمه ، وليس كذلك وإنما هو بدن تبدينا أي أسن ، قاله أبو عبيدة . قلت : وهو خلاف الظاهر ، وفي استدلاله بأنه لم يشبع من خبز الشعير نظر ، فإنه يكون من جملة المعجزات . كما في كثرة الجماع وطوافه في الليلة الواحدة على تسع وإحدى عشرة مع عدم الشبع وضيق العيش ، وأي فرق بين تكثير المني مع الجوع وبين وجود كثرة اللحم في البدن مع قلة الأكل ؟ وقد أخرج مسلم من طريق عبد الله بن عروة عن عائشة قالت " لما بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وثقل كان أكثر صلاته جالسا " لكن يمكن تأويل قوله " ثقل " أي ثقل عليه حمل لحمه وإن كان قليلا لدخوله في السن .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( صلى جالسا ، فإذا أراد أن يركع قام فقرأ ثم ركع ) في رواية هشام بن عروة عن أبيه " قام فقرأ نحوا من ثلاثين أو أربعين آية ثم ركع " أخرجاه ، وقد تقدم في آخر أبواب تقصير الصلاة ، وأخرجا من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة بلفظ " فإذا بقي من قراءته نحو من ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأها وهو قائم ثم ركع " ولمسلم من طريق عمرة عن عائشة " فإذا أراد أن يركع قام فقرأ قدر ما يقرأ إنسان أربعين آية " وقد روى مسلم من طريق عبد الله بن شقيق عن عائشة في صفة تطوعه - صلى الله عليه وسلم - وفيه " وكان إذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم ، وإذا قرأ قاعدا ركع وسجد وهو قاعد " وهذا محمول على حالته الأولى قبل أن يدخل في السن جمعا بين الحديثين ، وقد تقدم بيان ذلك والبحث فيه في صلاة الليل ، وكثير من فوائده أيضا في آخر أبواب تقصير الصلاة .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية