الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3945 حدثني إسحاق أخبرنا يعقوب حدثني ابن أخي ابن شهاب عن عمه أخبرني عروة بن الزبير أنه سمع مروان بن الحكم والمسور بن مخرمة يخبران خبرا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة الحديبية فكان فيما أخبرني عروة عنهما أنه لما كاتب رسول الله صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو يوم الحديبية على قضية المدة وكان فيما اشترط سهيل بن عمرو أنه قال لا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا وخليت بيننا وبينه وأبى سهيل أن يقاضي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على ذلك فكره المؤمنون ذلك وامعضوا فتكلموا فيه فلما أبى سهيل أن يقاضي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا على ذلك كاتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا جندل بن سهيل يومئذ إلى أبيه سهيل بن عمرو ولم يأت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد من الرجال إلا رده في تلك المدة وإن كان مسلما وجاءت المؤمنات مهاجرات فكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي عاتق فجاء أهلها يسألون رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرجعها إليهم حتى أنزل الله تعالى في المؤمنات ما أنزل

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حدثني إسحاق ) هو ابن راهويه ، ويعقوب هو ابن إبراهيم بن سعد ، وابن أخي ابن شهاب اسمه محمد بن عبد الله بن مسلم بن شهاب .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وامعضوا ) بتشديد الميم بعدها عين مهملة ثم ضاد معجمة ، وفي رواية الكشميهني " وامتعضوا " بإظهار المثناة والمعنى شق عليهم ، وقد سبق بسطه في الشروط .

                                                                                                                                                                                                        [ ص: 520 ] قوله : ( ولم يأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحد من الرجال إلا رده ) أي إلى المشركين في تلك المدة وإن كان مسلما .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( وجاءت المؤمنات مهاجرات ) أي في تلك المدة أيضا ، وقد ذكرت أسماء من سمي منهن في كتاب الشروط .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فكانت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ممن خرج إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم ) أي من مكة إلى المدينة مهاجرة مسلمة . فقوله : " وهي عاتق " أي بلغت واستحقت التزويج ولم تدخل في السن ، وقيل : هي الشابة ، وقيل : فوق المعصر ، وقيل : استحقت التخدير ، وقيل : بين البالغ والعانس ، وتقدم بسط ذلك في كتاب العيدين .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فجاء أهلها يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرجعها إليهم ) في حديث عبد الله بن أبي أحمد بن جحش " هاجرت أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، فخرج أخواها الوليد وعمارة ابنا عقبة بن أبي معيط حتى قدما المدينة فكلما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يردها إليهم ، فنقض العهد بينه وبين المشركين في النساء خاصة ، فنزلت الآية " أخرجه ابن مردويه في تفسيره ، وبهذا يظهر المراد بقوله في حديث الباب : " حتى أنزل الله في المؤمنات ما أنزل " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حتى أنزل الله في المؤمنات ما أنزل ) أي من استثنائهن من مقتضى الصلح على رد من جاء منهم مسلما ، وسيأتي بيان ذلك مشروحا في أواخر كتاب النكاح إن شاء الله تعالى .

                                                                                                                                                                                                        الحديث السادس والعشرون .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية