الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        3306 باب حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة حدثني عبد الملك عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما إلا المودة في القربى قال فقال سعيد بن جبير قربى محمد صلى الله عليه وسلم فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا وله فيه قرابة فنزلت عليه إلا أن تصلوا قرابة بيني وبينكم

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        الحديث الخامس قوله : ( حدثني عبد الملك ) هو ابن ميسرة ، وقع منسوبا في تفسير حم عسق ويأتي شرحه مستوفى هناك [ ص: 614 ] ، ودخوله في هذه الترجمة واضح من جهة تفسير المودة المطلوبة في الآية بصلة الرحم التي بينه وبين قريش وهم الذين خوطبوا بذلك ، وذلك يستدعي معرفة النسب التي تحقق بها صلة الرحم ، قال عكرمة : كانت قريش تصل الأرحام في الجاهلية ، فلما دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الله خالفوه وقاطعوه ، فأمرهم بصلة الرحم التي بينه وبينهم . وسيأتي بيان الاختلاف في المراد بقوله المودة في القربى في التفسير وقوله هنا : " إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا وله فيه قرابة فنزلت فيه إلا أن تصلوا قرابة بيني وبينكم " كذا وقع هنا من رواية يحيى وهو القطان عن شعبة ، ووقع في التفسير من رواية محمد بن جعفر وهو غندر عن شعبة بلفظ " إلا كان له فيهم قرابة فقال إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة " وهذه الرواية واضحة والأولى مشكلة لأنها توهم أن المذكور بعد قوله " فنزلت " من القرآن وليس كذلك ، وقد مشى بعض الشراح على ظاهره فقال : كان هذا قرآنا فنسخ ، وقال غيره يحتمل أن هذا الكلام معنى الآية فنسب إلى النزول مجازا ، وهو كقول حسان في قصيدته المشهورة :


                                                                                                                                                                                                        وقال الله قد أرسلت عبدا يقول الحق ليس به خفاء



                                                                                                                                                                                                        يريد أنه من قول الله بالمعنى . قلت : والذي يظهر لي أن الضمير في قوله " فنزلت " للآية المسئول عنها وهي قوله : قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى وقوله : إلا أن تصلوا " كلام ابن عباس تفسير لقوله تعالى إلا المودة في القربى وقد أوضحت ذلك رواية الإسماعيلي من طريق معاذ بن معاذ عن شعبة فقال في روايته " فقال ابن عباس : إنه لم يكن بطن من بطون قريش إلا للنبي صلى الله عليه وسلم فيه قرابة فنزلت قل لا أسألكم عليه أجرا إلا أن تصلوا قرابتي منكم " وله من طريق يزيد بن زريع عن شعبة مثله لكن قال : إلا أن تصلوا ما بيني وبينكم من القرابة فعرف بهذا أن المراد ذكر بعض الآية بالمعنى على جهة التفسير ، وسبب ذلك خفاء معناها على سعيد بن جبير ، وسيأتي ذكر ما يتعلق بذلك في التفسير إن شاء الله تعالى .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية