الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                        5749 حدثنا عمر بن حفص حدثنا أبي حدثنا الأعمش قال سمعت شقيقا يقول قال عبد الله قسم النبي صلى الله عليه وسلم قسمة كبعض ما كان يقسم فقال رجل من الأنصار والله إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله قلت أما أنا لأقولن للنبي صلى الله عليه وسلم فأتيته وهو في أصحابه فساررته فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم وتغير وجهه وغضب حتى وددت أني لم أكن أخبرته ثم قال قد أوذي موسى بأكثر من ذلك فصبر

                                                                                                                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قال عبد الله ) هو ابن مسعود ووقع في رواية سفيان عن الأعمش الماضية في " باب من أخبر صاحبه بما يعلم " بلفظ " عن ابن مسعود " .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قسم النبي - صلى الله عليه وسلم - قسما ) في رواية شعبة عن الأعمش أنها قسمة غنائم حنين ، وفي رواية منصور عن ابن أبي وائل " لما كان يوم حنين آثر النبي - صلى الله عليه وسلم - ناسا في القسمة أعطى الأقرع بن حابس مائة من الإبل وأعطى عيينة بن حصن مائة من الإبل وأعطى ناسا من أشراف العرب " وقد تقدم إيضاح ذلك في غزوة حنين .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فقال رجل من الأنصار ) تقدمت تسميته في غزوة حنين والرد على من زعم أنه حرقوص بن زهير .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( والله إنها لقسمة ما أريد بها وجه الله ) قد تقدم في غزوة حنين من وجه آخر بلفظ " ما أراد " على البناء للفاعل وفي رواية منصور " ما عدل فيها " وهو بضم أوله على البناء للمجهول .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( قلت أما لأقولن ) قال ابن التين : هي بتخفيف الميم ووقع في رواية " أما " بتشديدها وليس ببين . قلت : وقع للكشميهني " أم " بغير ألف وهو يؤيد التخفيف ، ويوجه التشديد على أن في الكلام حذفا تقديره أما إذ قلت ذلك لأقولن .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( فشق ذلك عليه وتغير وجهه ) قد تقدم قبل بأكثر من عشرة أبواب بلفظ " فتمعر وجهه " وهو [ ص: 529 ] بالعين المهملة ويجوز بالمعجمة .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( حتى وددت أني لم أكن ) في رواية أن بفتح وتخفيف .

                                                                                                                                                                                                        قوله : ( ثم قال قد أوذي موسى بأكثر من هذا فصبر ) في رواية شعبة عن الأعمش يرحم الله موسى قد أوذي فذكره وزاد في رواية منصور فقال فمن يعدل إذا لم يعدل الله ورسوله ، رحم الله موسى الحديث . وفي هذا الحديث جواز إخبار الإمام وأهل الفضل بما يقال فيهم مما لا يليق بهم ليحذروا القائل وفيه بيان ما يباح من الغيبة والنميمة لأن صورتهما موجودة في صنيع ابن مسعود هذا ولم ينكره النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وذلك أن قصد ابن مسعود كان نصح النبي - صلى الله عليه وسلم - وإعلامه بمن يطعن فيه ممن يظهر الإسلام ويبطن النفاق ليحذر منه ، وهذا جائز كما يجوز التجسس على الكفار ليؤمن من كيدهم ، وقد ارتكب الرجل المذكور بما قال إثما عظيما فلم يكن له حرمة . وفيه أن أهل الفضل قد يغضبهم ما يقال فيهم مما ليس فيهم ، ومع ذلك فيتلقون ذلك بالصبر والحلم كما صنع النبي - صلى الله عليه وسلم - اقتداء بموسى - عليه السلام ، وأشار بقوله قد أوذي موسى إلى قوله - تعالى - : يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى قد حكي في صفة أذاهم له ثلاث قصص : إحداها قولهم هو آدر ، وقد تقدم ضبط ذلك وشرحه في قصة موسى من أحاديث الأنبياء . ثانيها في قصة موت هارون ، وقد أوضحته أيضا في قصة موسى ثالثها في قصته مع قارون حيث أمر البغي أن تزعم أن موسى راودها حتى كان ذلك سبب هلاك قارون ، وقد تقدم ذلك في قصة قارون في آخر أخبار موسى من أحاديث الأنبياء .




                                                                                                                                                                                                        الخدمات العلمية