الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                              المسألة الثانية : القرعة أصل في شريعتنا ; ثبت { أن النبي عليه السلام كان إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها } ، وهذا مما لم يره مالك شرعا .

                                                                                                                                                                                                              والصحيح أنه دين ومنهاج لا يتعدى ، وثبت عنه أيضا صلى الله عليه وسلم : { أن رجلا أعتق عبيدا له ستة في مرضه لا مال له غيرهم فأقرع النبي صلى الله عليه وسلم بينهم ، فأعتق اثنين وأرق أربعة } . [ ص: 359 ] وهذا مما رآه مالك والشافعي ، وأباه أبو حنيفة ; واحتج بأن القرعة في شأن زكريا وأزواج النبي عليه السلام كانت مما لو تراضوا عليه دون قرعة لجاز .

                                                                                                                                                                                                              وأما حديث الأعبد فلا يصح التراضي في الحرية ولا الرضا ; لأن العبودية والرق إنما ثبتت بالحكم دون قرعة فجازت ، ولا طريق للتراضي فيها ، وهذا ضعيف ; فإن القرعة إنما فائدتها استخراج الحكم الخفي عند التشاح فأما ما يخرجه التراضي فيه فباب آخر ، ولا يصح لأحد أن يقول : إن القرعة تجري في موضع التراضي ، وإنها لا تكون أبدا مع التراضي فكيف يستحيل اجتماعها مع التراضي ؟ ثم يقال : إنها لا تجري إلا على حكمه ولا تكون إلا في محله ; وهذا بعيد .

                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية