الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                      صفحة جزء
                                                      السابع : الفرق ويسمى ( سؤال المعارضة ) و ( سؤال المزاحمة ) ، فله ثلاثة ألقاب . وهو : إبداء وصف في الأصل يصلح أن يكون علة مستقلة للحكم أو جزء علة ، وهو معدوم في الفرع ، سواء كان مناسبا أو شبها إن كانت العلة شبيهة [ ص: 379 ] بأن يجمع المستدل بين الأصل والفرع بأمر مشترك بينهما ، فيبدي المعترض وصفا فارقا بينه وبين الفرع . وقد اشترطوا فيه أمرين :

                                                      أحدهما : أن يكون بين الأصل والفرع فرق بوجه من الوجوه ، وإلا لكان هو هو ، وليس كل ما انفرد به الأصل من الأوصاف يكون مؤثرا مقتضيا للحكم ، بل قد يكون ملغى بالاعتبار بغيره ، فلا بد أن يكون الوصف الفارق قادحا

                                                      والثاني : أن يكون قاطعا للجمع ، بأن يكون أخص من الجمع ليقدم عليه ، أو مثله ليعارضه .

                                                      قال بعضهم : اختلف الجدليون في حده ، فقال الجمهور ، ومنهم الإمام : إن حقيقة الفرق قطع الجمع بين الأصل والفرع إذ اللفظ أشعر به وهو الذي يقصد منه . وقال بعض الجدليين : حقيقته المنع من الإلحاق بذكر وصف في الفرع أو في الأصل .

                                                      وينبني على هذه الخلاف مسألة ، وهي أن الفارق إذا ذكر فرقا في الأصل هل يجب عليه أن يعكسه في الفرع ؟ اختلفوا فيه : فما عليه الحذاق من أهل النظر أنه يشترط ، لأنه عبارة عن قطع الجمع ، وإنما ينقطع الجمع إذا عكسه ، لأن المقصود الفرق ، والافتراق له ركنان : ( أحدهما ) وجود الوصف في الأصل ، و ( الثاني ) انتفاؤه في الفرع ، لأن المستدل يقول : [ ص: 380 ] وجود معنى آخر لا يضرني ، لأنه يؤكد الحكم في الأصل ، وذلك لا يمنع تعليلي ، وصار غيرهم إلى أنه لا يلزم المعترض عكسه لأنه ادعى أن العلة في الأصل وصف كذا ، فإذا أبدى المعترض وصفا آخر امتنع التعليل في الأصل به ، وإذا امتنع التعليل امتنعت التعدية .

                                                      التالي السابق


                                                      الخدمات العلمية