الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              5000 [ 2881 ] وعن أبي سعيد الخدري ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة ، يكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر ، نزلا لأهل الجنة . فأتى رجل من اليهود فقال : بارك الرحمن عليك أبا القاسم ! ألا أخبرك بنزل أهل الجنة ؟ قال : بلى . قال : تكون الأرض خبزة واحدة . . . (كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، قال : فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك حتى بدت نواجذه ، فقال : ألا أخبرك بإدامهم ؟ قال : بلى . قال : إدامهم بالام ونون . قالوا : وما هذا ؟ قال : ثور ونون ، يأكل من زيادة كبدهما سبعون ألفا .

                                                                                              رواه البخاري (6520) ، ومسلم (2792) .

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قوله " ألا أخبرك بإدامهم ؟ " ) ، هذا قول اليهودي لا قول النبي صلى الله عليه وسلم ، والنبي صلى الله عليه وسلم هو القائل " بلى " يستخرج بذلك ما عند اليهودي من ذلك ليظهر للحاضرين موافقة اليهودي للنبي صلى الله عليه وسلم فيما كان يخبرهم عنه من إدام أهل الجنة ، فقد جاء في حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أخبر أصحابه بذلك وأن اليهود سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك كما تقدم في الطهارة من حديث ثوبان .

                                                                                              و (قوله : إدامهم بالام ونون ) ، هكذا الرواية الصحيحة التي لا يروى غيرها ، فأما " بالام " فيعني به اليهودي الثور الذي كان يأكل من أطراف الجنة كما في حديث ثوبان ، فكانت هذه كلمة عبرانية تكلم بها اليهودي على لسانه ، وقد قال [ ص: 354 ] بعض أئمتنا : إن هذه الكلمة صحفها بعض الرواة ، وإنما هي اللأى على وزن اللعا ، وهو الثور الوحشي ، وهذا لا يلتفت إليه لأنه يخرم الثقة بالعدول العلماء ، ولأنه لو كان كذلك لما أشكلت على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولا سألوه عنها ، فإنهم يعرفون أن اللأى الثور ، والله أعلم .

                                                                                              وأما النون فهو الحوت ، وقد قدمنا في الصحاح أن النون الحوت ، ويجمع أنوانا ونينانا . وذو النون : يونس عليه السلام . وزيادة الكبد : هي القطعة المتعلقة به المنفردة عنه .




                                                                                              الخدمات العلمية