الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                              صفحة جزء
                                                                                              4272 [ 2223 ] وعنه، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحسن الناس خلقا، فأرسلني يوما لحاجة فقلت: والله لا أذهب وفي نفسي أن أذهب لما أمرني به نبي الله صلى الله عليه وسلم، فخرجت حتى أمر على صبيان وهم يلعبون في السوق، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قبض بقفاي من ورائي، قال: فنظرت إليه وهو يضحك، فقال: "يا أنيس، ذهبت حيث أمرتك؟ ". قال قلت: نعم أنا أذهب يا رسول الله. قال أنس: والله لقد خدمته تسع سنين ما علمته قال لشيء صنعته: لم فعلت كذا وكذا، أو لشيء تركته: هلا فعلت كذا وكذا.

                                                                                              وفي رواية: قال أنس: خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين.

                                                                                              رواه مسلم (2309 و 2310) (54).

                                                                                              التالي السابق


                                                                                              و (قول أنس : " والله لا أذهب ! وفي نفسي أن أذهب ") هذا القول: صدر عن [ ص: 104 ] أنس في حال صغره، وعدم كمال تمييزه، إذ لا يصدر مثله ممن كمل تمييزه. وذلك: أنه حلف بالله على الامتناع من فعل ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم مشافهة، وهو عازم على فعله، فجمع بين مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين الإخبار بامتناعه، والحلف بالله على نفي ذلك مع العزم على أنه كان يفعله، وفيه ما فيه، ومع ذلك فلم يلتفت النبي صلى الله عليه وسلم لشيء من ذلك، ولا عرج عليه، ولا أدبه. بل داعبه، وأخذ بقفاه، وهو يضحك رفقا به، واستلطافا له، ثم قال: " يا أنيس ! اذهب حيث أمرتك "، فقال له: أنا أذهب. وهذا كله مقتضى خلقه الكريم، وحلمه العظيم.

                                                                                              وقد اختلفت الروايات في مدة خدمة أنس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل: عشر. وقيل: تسع، وذلك بحسب اختلافهم في سنة مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة . فقال الزهري : عن أنس رضي الله عنه قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر، وتوفي وأنا ابن عشرين سنة.

                                                                                              قلت: فعلى هذا خدمه عشر سنين، إن قلنا: أنه خدمه من أول مقدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة ، ويحتمل أن تكون تأخرت خدمته عن ذلك سنة فتكون مدة [ ص: 105 ] خدمته له: تسع سنين. وقيل: قدم النبي صلى الله عليه وسلم وأنس ابن ثماني سنين.




                                                                                              الخدمات العلمية