الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                          صفحة جزء
                                                                                                                          [ ص: 587 ] ذكر البيان بأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أراد في اليوم الذي توفي فيه الخروج إلى أمته

                                                                                                                          6620 - أخبرنا أبو يعلى حدثنا أحمد بن جميل المروزي حدثنا ابن المبارك أخبرنا معمر ، ويونس عن الزهري ، قال : وأخبرني أنس بن مالك : أن المسلمين بينا هم في صلاة الفجر يوم الاثنين وأبو بكر يصلي بهم ، لم يفجأهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كشف ستر حجرة عائشة ، فنظر إليهم وهم صفوف في صلاتهم ، ثم تبسم فضحك ، فنكص أبو بكر على عقبه ليصل الصف ، وظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يخرج إلى الصلاة . قال أنس : وهم المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم فرحا برسول الله صلى الله عليه وسلم حين رأوه ، فأشار إليهم [ ص: 588 ] رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اقضوا صلاتكم ، ثم دخل الحجرة ، وأرخى الستر بينه وبينهم ، وتوفي صلى الله عليه وسلم ذلك اليوم .

                                                                                                                          قال الزهري : وأخبرني أنس بن مالك : أنه لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر بن الخطاب في الناس خطيبا ، فقال : لا أسمعن أحدا يقول : إن محمدا صلى الله عليه وسلم قد مات ، إن محمدا صلى الله عليه وسلم لم يمت ، ولكن أرسل إليه ربه كما أرسل إلى موسى ، فلبث عن قومه أربعين ليلة .

                                                                                                                          قال الزهري : وأخبرني سعيد بن المسيب ، أن عمر بن الخطاب قال في خطبته : إني لأرجو أن يقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أيدي رجال وأرجلهم يزعمون أنه مات .

                                                                                                                          قال الزهري : أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف ، أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته : أن أبا بكر أقبل على فرس من مسكنه بالسنح حتى نزل ، فدخل المسجد ، فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة ، فتيمم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببردة حبرة ، فكشف عن وجهه ، فأكب عليه فقبله وبكى ، ثم قال : بأبي أنت ، والله لا يجمع الله عليك موتتين أبدا ، أما الموتة التي كتبت عليك فقد متها .

                                                                                                                          قال الزهري : قال أبو سلمة : أخبرني ابن عباس : أن أبا بكر خرج وعمر يكلم الناس ، فقال : اجلس ، فأبى عمر أن يجلس ، فقال : اجلس ، فأبى أن يجلس ، فتشهد أبو بكر ، فمال الناس إليه ، [ ص: 589 ] وتركوا عمر ، فقال : أيها الناس من كان منكم يعبد محمدا ، فإن محمدا صلى الله عليه وسلم قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت . قال الله تبارك وتعالى : وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين قال : والله لكأن الناس لم يكونوا يعلموا أن الله جل وعلا أنزل هذه الآية إلا حين تلاها أبو بكر ، فتلقاها منه الناس كلهم ، فلم تسمع بشرا إلا يتلوها .

                                                                                                                          قال الزهري : وأخبرني سعيد بن المسيب ، أن عمر بن الخطاب قال : والله ما هو إلا أن سمعت أبا بكر تلاها عقرت حتى ما تقلني رجلاي ، وأهويت إلى الأرض ، وعرفت حين سمعته تلاها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات .

                                                                                                                          قال الزهري : وأخبرني أنس بن مالك ، أنه سمع عمر بن الخطاب من الغد حين بويع أبو بكر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، واستوى أبو بكر على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم قام عمر ، فتشهد قبل أبي بكر ، ثم قال : أما بعد ، فإني قد قلت لكم أمس مقالة لم تكن ، كما قلت ، وإني والله ما وجدتها في كتاب أنزله الله ، ولا في عهد [ ص: 590 ] عهده إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكني كنت أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يدبرنا - يقول حتى يكون آخرنا - فاختار الله جل وعلا لرسوله صلى الله عليه وسلم الذي عنده على الذي عندكم ، وهذا كتاب الله هدى الله به رسوله صلى الله عليه وسلم ، فخذوا به تهتدوا بما هدى الله به رسوله صلى الله عليه وسلم .

                                                                                                                          التالي السابق


                                                                                                                          الخدمات العلمية