الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3889 2072 - (3899) - (1\410 - 411) عن ابن مسعود، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "آخر من يدخل الجنة رجل، فهو يمشي مرة، ويكبو مرة، وتسفعه النار مرة، فإذا جاوزها، التفت إليها، فقال: تبارك الذي أنجاني منك، لقد أعطاني الله شيئا ما أعطاه أحدا من الأولين والآخرين، فترفع له شجرة، فيقول: أي رب، أدنني من هذه الشجرة، فلأستظل بظلها، فأشرب من مائها، فيقول الله : يا ابن آدم، فلعلي إذا أعطيتكها سألتني غيرها، فيقول: لا يا رب، ويعاهده أن لا يسأله غيرها "، قال: "وربه عز وجل يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة هي أحسن من الأولى، فيقول: أي رب، هذه فلأشرب من مائها، وأستظل بظلها، لا أسألك غيرها، فيقول: ابن آدم، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ فيقول: لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها؟ فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه عز وجل يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فيستظل بظلها، ويشرب من مائها، ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة، هي أحسن من الأوليين ، فيقول: أي رب، أدنني من هذه الشجرة، [ ص: 351 ] فأستظل بظلها، وأشرب من مائها، لا أسألك غيرها. فيقول: يا ابن آدم، ألم تعاهدني أن لا تسألني غيرها؟ قال: بلى، أي رب هذه لا أسألك غيرها، فيقول: لعلي إن أدنيتك منها تسألني غيرها، فيعاهده أن لا يسأله غيرها، وربه يعذره، لأنه يرى ما لا صبر له عليه، فيدنيه منها، فإذا أدناه منها، سمع أصوات أهل الجنة، فيقول: أي رب أدخلنيها، فيقول: يا ابن آدم، ما يصريني منك؟ أيرضيك أن أعطيك الدنيا، ومثلها معها؟ فيقول: أي رب، أتستهزئ بي، وأنت رب العالمين؟ " فضحك ابن مسعود، فقال: ألا تسألوني مما أضحك؟ فقالوا: مم تضحك؟ فقال: هكذا ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: "ألا تسألوني مم أضحك؟ " فقالوا: مم تضحك يا رسول الله؟ قال: "من ضحك ربي حين قال: أتستهزئ مني وأنت رب العالمين؟ فيقول: إني لا أستهزئ منك، ولكني على ما أشاء قدير".

التالي السابق


* قوله: "ويكبو": أي: يسقط على وجهه.

* "وتسفعه النار": - بتقديم الفاء المفتوحة على العين - أي: تضرب وجهه وتسوده.

* "فلأستظل": - بفتح لام ورفع المضارع - بتقدير: فإني لأستظل، أو - بكسر لام ونصب المضارع - أي: فأدنني، أو فأدنو لأستظل.

* "يعذره": من عذره; كضرب، أو أعذره بمعناه.

* "عليه": أي: على فراقه، أو عنه.

* "ما يصريني": - بفتح ياء وسكون صاد - أي: يقطع مسألتك مني.

* * *




الخدمات العلمية