الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
3584 1878 - (3595) - (1\378 - 379) عن عبيدة، عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني لأعرف آخر أهل النار خروجا من النار، رجل يخرج منها زحفا، فيقال له: " انطلق فادخل الجنة، قال: فيذهب يدخل، فيجد الناس قد [ ص: 233 ] أخذوا المنازل، قال: فيرجع، فيقول: يا رب، قد أخذ الناس المنازل، قال: فيقال له: أتذكر الزمان الذي كنت فيه؟ قال: فيقول: نعم، فيقال له: تمنه، فيتمنى، فيقال: إن لك الذي تمنيت، وعشرة أضعاف الدنيا، قال: فيقول: أتسخر بي وأنت الملك؟ " قال: فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه.

التالي السابق


* قوله: "عبيدة": هو بفتح العين.

قوله: "إني لأعرف آخر أهل النار": هو - بالنصب - مفعول: "أعرف" و"رجل" - بالرفع - على أنه خبر محذوف; أي: هو رجل، وضبطه بعضهم بالرفع على أنه مبتدأ خبره "رجل" وحينئذ لابد من اعتبار الجملة بمنزلة هذا الشأن، أو هذه القصة حتى تكون مفعولا للمعرفة.

* "زحفا": هو المشي على الاست.

* "فيجد الناس. . . إلخ": أي: فيخيل إليه أنه ما بقي فيها منزل له.

* "فيرجع": كأنه يزعم أن محل العرض هو المحل الأول، أو يقرر يومئذ كذلك، وإلا فسماعه تعالى لا يختص بمكان دون [مكان] فلا وجه للرجوع.

* "تمنه": الهاء للسكت، وتدل عليه رواية مسلم: "فتمن" بلا هاء، ويحتمل أنه عبارة عن الزمان على أنه مفعول به، بتأويل: فتمن ما فيه.

* "أتسخر بي": كأنه نظر إلى نفسه بأنه أحقر من أن يكون له مثل ذلك، وإلى ذلك العطاء بأنه أعظم من أن يكون لمثله، فرأى أن هذا القول منه تعالى ليس المراد به ظاهره، فقال ذلك، وأما جواز الاستهزاء على الله تعالى وامتناعه، فليس هذا محل بيانه.

وقد جاء إسناده إليه تعالى في القرآن، مثل: الله يستهزئ بهم [البقرة: 15]. [ ص: 234 ]

وقال تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: فبشرهم بعذاب أليم [آل عمران: 21] والله تعالى أعلم.

* "نواجذه": - بالجيم والذال المعجمة - قيل: هي الأضراس، وهو الأشهر لغة، وقيل: الأنياب أو الضواحك.

* * *




الخدمات العلمية