الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              7002 - قالت : فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : " ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله ، يركبون ثبج هذا البحر ملوكا على الأسرة -أو مثل الملوك على الأسرة " . شك إسحاق . قالت : فقلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم وضع رأسه ، ثم استيقظ وهو يضحك . فقلت : ما يضحكك يا رسول الله ؟ قال : "ناس من أمتي عرضوا علي غزاة في سبيل الله " . كما قال في الأولى . قالت : فقلت : يا رسول الله ، ادع الله أن يجعلني منهم . قال : "أنت من الأولين " . فركبت البحر في زمان معاوية بن أبي سفيان ، فصرعت عن دابتها حين خرجت من البحر فهلكت . [انظر : 2789 - مسلم : 1912 - فتح: 12 \ 391 ]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              وقال ابن عون : عن ابن سيرين : رؤيا النهار مثل رؤيا الليل .

                                                                                                                                                                                                                              ثم ساق حديث أنس في قصة أم حرام بطوله وقد سلف ، ويعني بهذين البابين : أنه لا يختص نوم النهار على نوم الليل ، ولا نوم الليل على نوم النهار بشيء من صحة الرؤيا وكذبها ، وأن الرؤيا متى ما رئيت فحكمها واحد .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 171 ] فصل :

                                                                                                                                                                                                                              تعليق الزبيدي أخرجه مسلم عن حاجب بن الوليد ، ثنا محمد بن حرب عنه . ومتابعة سفيان رواها أيضا عن ابن أبي عمر عنه . وتعليق سليمان رواه أيضا عن (الدارمي ) عن محمد بن كثير عنه ، وشعيب وإسحاق رواه أبو بكر عنهما .

                                                                                                                                                                                                                              قال الإسماعيلي : ورواه ابن شهاب ، عن سليمان بن يسار ، عن ابن عباس - رضي الله عنهما - ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، ثم ساقه بإسناده إليه .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ( وكان معمر لا يسنده حتى كان بعد ) أخرجه مسلم عن عبد الرزاق ، عنه ، عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس وأبي هريرة . قال عبد الرزاق : كان معمر أحيانا يقول : ابن عباس ، وأحيانا يقول : عن أبي هريرة : أن رجلا أتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              وعند الإسماعيلي قال : معمر -من حديث عبد الرزاق - عن الزهري ، عن عبيد الله ، عن ابن عباس أنه قال : كان أبو هريرة يحدثنا .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              وتأويل المفاتيح في النوم : أسباب الفتح ، والمعنى أتيت ما دلني على أنه سيفتح لي ولأمتي خزائن الأرض ما يرفع عنهم (المسغبة ) والفقر ، وما يدين لهم ملوك الأرض ؛ لأن الخزائن -أعني : خزائن [ ص: 172 ] الأرض - بأيدي الملوك ، وهو في معنى قوله : "وزويت لي الأرض " . الحديث .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              والمراد بـ" مفاتيح الكلم " : الفصاحة والإيجاز ، والخزائن ما فتح الله على أمته من كنوز كسرى وقيصر وغيرهما ، ومعنى : ( تنتثلونها ) : تؤدى إليكم خزائن الأرض في غنائمها . والبارحة : أقرب ليلة مضت ، وهي من برح ، أي : زال .

                                                                                                                                                                                                                              وفيه دلالة على جواز إطلاق البارحة على الليلة الماضية ، وإن كان قبل الزوال كذا قيل ، وإنما يتم أن يكون - عليه السلام - قال ذلك قبله ، نعم كان من عادته أن يقول بعد الصبح " هل رأى منكم الليلة أحد رؤيا ؟ " كما ستعلمه .

                                                                                                                                                                                                                              وادعى ثعلب أنه لا يقال : البارحة إلا بعد الزوال ، ويحمل على إرادة الحقيقة دون المجاز ، ولا شك أن المبادرة إلى السؤال عن الرؤيا أول النهار مطلوبة ؛ لأن الذهن مجتمع لم يتشعب بشغل المعاش ، ولقرب عهد الرائي بالرؤيا .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              وأثر ابن عون عن ابن سيرين : (رؤيا النهار مثل رؤيا الليل ) ، أخرجه أبو الحسن (علي ) بن أبي طالب في كتابه "نور البستان وربيع الإنسان " من حديث مسعدة عن ابن عون به ، ثم قال : ولا فرق بين رؤيا النهار

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 173 ] والليل ، وحكمهما واحد في العبارة ، وكذا رؤيا النساء كرؤيا الرجال .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : "آدم " . كذا هو في الأصول والشروح ، وذكره ابن التين بلفظ : آدم أسمر . ثم قال : كذا في "المجمل " و"الصحاح " .

                                                                                                                                                                                                                              وقال الداودي : هو إلى السمرة أميل . وقال أبو عبد الملك : الآدم فوق الأسمر يعلوه سواد قليل .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (" ذا لمة " ) . هو بكسر اللام : الشعر يجاوز شحمة الأذنين ، فإذا بلغ المنكبين فهي جمة ، والوفرة دون ذلك إذا بلغ شحمة الأذنين ، وسميت لمة ؛ لأنها ألمت بالمنكبين . هذا ما في "الصحاح " و"المجمل " و"غريبي الهروي " . (وقال أبو عبد الملك : الجمة وقال الداودي : الوفرة ) .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ( قد رجلها ) هو أن يبلها بالماء ثم يمشطها . وقيل : هو أن يدهن ويمشط ، ويكون شعثه ، وقيل : يغسلها . وسمي المسيح مسيحا ؛ إما لسياحته ، أو لأنه كان لا يمسح ذا عاهة إلا برأ ، أو لأنه مسح بالبركة عند ولادته ، أو مسح بالدهن فخرج من بطن أمه ممسوحا بالدهن ، أو اسم خص به ، أو لمسح زكريا إياه ، أو أصله بالعبرانية فعرب كموسى ، أو لأنه لا أخمص لرجله ، أو لأنه كان يمسح الأرض ، أو لأنه كان يلبس المسح ، أو المسيح : الصديق . قاله ابن الأعرابي . أقوال سلفت .

                                                                                                                                                                                                                              [ ص: 174 ] وأما الدجال فلقب بالمسيح ؛ إما لسياحته أو لأنه ممسوح العين ، أو لأنه يمسح الأرض ، أو لغير ذلك ، وهو مخفف ومثقل وبالخاء المعجمة وأنكرا . قال أبو الهيثم : المسيخ ضد المسيح يقال : مسحه الله . أي : خلقه خلقا حسنا مباركا ، ومسخه : خلقه خلقا مقلوبا قبيحا .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (" جعد قطط " ) . هو بفتح الطاء ، أي : شديد الجعودة ، يقال : قطط شعره . بالكسر ، وهو أحد ما جاء على الأصل ؛ لإظهار التعريف ، ورجل قط الشعر وقطط الشعر بمعنى .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : (" عنبة طافية " ) . يقال : طفا الشيء على الماء يطفو : إذا علاه ، فعين الدجال طافية على وجهه قد برزت كالعنبة . قال ابن بطال : من قرأ طافئة بالهمز . فمعناه : أن عينه مفقودة ذهب ضوؤها . فالمعنى : كأنها عنبة نضجت فذهب ماؤها ، ومن قرأ بغيره فمعناه : أنها برزت ، وخرج الباطن الأسود فيها ؛ لأن كل شيء ظهر فقد طفا يطفو طفوا . ومنه طافي البحر ، قاله الأخفش ، ووزن عنبة فعلة ، وهو بناء نادر للواحد ، وإنما يعرف للجمع كقردة وفيلة ، وهو بناء قليل الواحد ، جاء منه : حبرة وخمرة .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : وطيبة وحبرة . قال الجوهري : لا أعرف غير هذا ، وسمي الدجال دجالا إما لكذبه وتمويهه أو لفريه .

                                                                                                                                                                                                                              فصل :

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى : (" يركبون ثبج هذا البحر " ) في قصة أم حرام : وسطه [ ص: 175 ] أو ظهره ، وأم حرام هذه خالة أنس ، وأكله مما تطعمه إما لعلمه أن زوجها يحب ذلك ، أو يكون من مالها .

                                                                                                                                                                                                                              وقوله : ( فركبت البحر في زمان معاوية ) ظاهره أنه زمن ولايته الكبرى ؛ إذ لا يضاف زمن فلان إلا على هذا الوجه (في الأغلب ) . وذكر عن ابن الكلبي : أن ركوبها كان في زمن تولى فيه معاوية الإمارة ، ليس زمن استيلائه على الخلافة كلها .

                                                                                                                                                                                                                              قال ابن التين : قيل : وفي الحديث دليل على جواز إمارة معاوية .

                                                                                                                                                                                                                              قلت : لا شك فيها .




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية