الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5738 113 - حدثنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي، حدثنا مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن أنس بن مالك قال: كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية، فأدركه أعرابي، فجبذ بردائه جبذة شديدة، قال أنس: فنظرت إلى صفحة عاتق النبي صلى الله عليه وسلم وقد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته، ثم قال: يا محمد، مر لي من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه، فضحك، ثم أمر له بعطاء.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: " فضحك"، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، واسمه زيد بن سهل الأنصاري ابن أخي أنس [ ص: 151 ] ابن مالك.

                                                                                                                                                                                  والحديث مضى في الخمس عن يحيى بن بكير، وفي اللباس عن إسماعيل بن أبي أويس.

                                                                                                                                                                                  قوله: " برد" البرد، بضم الباء الموحدة، نوع من الثياب معروف. قوله: " نجراني" بفتح النون وسكون الجيم نسبة إلى نجران بلدة معروفة بين الحجاز واليمن. قوله: " فأدركه أعرابي" زاد همام: " من أهل البادية". قوله: " فجبذ"، وفي رواية الأوزاعي: " فجذب". قوله: " جبذة شديدة"، وفي رواية عكرمة: " حتى رجع النبي صلى الله تعالى عليه وسلم في نحر الأعرابي". قوله: " إلى صفحة عاتق"، وفي رواية مسلم: " إلى صفحة عنق". قوله: " أثرت بها" هي في رواية الكشميهني، وفي رواية غيره: " فيها"، وفي رواية همام: " حتى انشق البرد وذهبت حاشيته في عنقه"، وزاد: " أن ذلك وقع من الأعرابي لما وصل النبي صلى الله تعالى عليه وسلم إلى حجرته".

                                                                                                                                                                                  قوله: " مر لي"، وفي رواية الأوزاعي: " أعطنا". قوله: " فضحك "، وفي رواية الأوزاعي: " فتبسم ثم قال: مروا له "، وفي رواية همام: " مروا له بشيء".

                                                                                                                                                                                  وفيه دلالة على قوة حلمه، وشدة صبره على الأذى في النفس والمال، والتجاوز عن جفاء من يريد تألفه على الإسلام، وليتأسى به الولاة بعده في خلقه الجميل؛ من الصفح والإغضاء، والدفع بالتي هي أحسن.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية