الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  5734 109 - حدثنا حبان بن موسى، أخبرنا عبد الله، أخبرنا معمر، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة رضي الله عنها: أن رفاعة القرظي طلق امرأته فبت طلاقها، فتزوجها بعده عبد الرحمن بن الزبير، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إنها كانت عند رفاعة فطلقها آخر ثلاث تطليقات، فتزوجها بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإنه والله ما معه، يا رسول الله، إلا مثل هذه الهدبة، لهدبة أخذتها من جلبابها، قال: وأبو بكر جالس عند النبي صلى الله عليه وسلم، وابن سعيد بن العاص جالس بباب الحجرة ليؤذن له، فطفق خالد ينادي: يا أبا بكر، يا أبا بكر، ألا تزجر هذه عما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وما يزيد رسول الله صلى الله عليه وسلم على التبسم، ثم قال: لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة لا حتى تذوقي عسيلته، ويذوق عسيلتك.

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة في قوله: " وما يزيد رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم على التبسم. وحبان بكسر الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة، ابن موسى المروزي. وعبد الله بن المبارك المروزي، ومعمر، بفتح الميمين، ابن راشد. وبمثل هذا الحديث عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة مضى في الطلاق في باب: من قال لامرأته: أنت علي حرام.

                                                                                                                                                                                  قوله: " رفاعة" بكسر الراء، "القرظي" بضم القاف وفتح الراء وبالظاء المعجمة؛ نسبة إلى قريظة بن الخزرج، وقريظة أخو النضير. قوله: " فبت"، أي: قطع بتطليق الثلاث. قوله: " عبد الرحمن بن الزبير" بفتح الزاي وكسر الباء الموحدة. قوله: " الهدبة" بضم الهاء؛ هي ما على طرف الثوب من الخمل. قوله: " ليؤذن له" على صيغة المجهول. قوله: " وابن سعيد" هو خالد بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي القرشي الأموي.

                                                                                                                                                                                  قوله: " لا حتى تذوقي"؛ أي: لا رجوع لك إلى رفاعة حتى تذوقي عسيلته؛ أي: عسيلة عبد الرحمن بن الزبير، والعسيلة تصغير عسل، والعسل يذكر ويؤنث، وكنى بها عن لذة الجماع، قيل: كيف تذوق والآلة كالهدبة؟ وأجيب بأنها كالهدبة في الرقة والدقة لا في الرخاوة وعدم الحركة. قلت: هذا قاله الكرماني، ولكنه ما هو ظاهر، فالظاهر أنها أرادت أنه لا يقدر على الجماع أصلا، فإذا كان كذلك فالمراد من قوله صلى الله تعالى عليه وسلم: " حتى تذوقي عسيلته"؛ يعني إذا قدر على الجماع فلا بد من صبرها على ذلك إن أقامت في عصمة عبد الرحمن بن الزبير، وإلا فلا بد من زوج آخر، وجماعها معه، ومع هذا فيكتفي بالإدخال والإنزال ليس بشرط.




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية