الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                  4551 324 - ( حدثنا أحمد بن عيسى ، حدثنا ابن وهب ، أخبرنا عمرو أن أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار عن عائشة - رضي الله عنها - زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت : ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ضاحكا ، حتى أرى منه لهواته ، إنما كان يتبسم ، قالت : وكان إذا رأى غيما أو ريحا عرف في وجهه ، قالت : يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر ، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية ، فقال : يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب ، عذب قوم عاد بالريح ، وقد رأى قوم العذاب فقالوا هذا عارض ممطرنا ) .

                                                                                                                                                                                  التالي السابق


                                                                                                                                                                                  مطابقته للترجمة ظاهرة ، وأحمد كذا غير منسوب في رواية الأكثرين ، وفي رواية أبي ذر : حدثنا أحمد بن عيسى ، كذا قال أبو مسعود وخلف ، وعرفه ابن السكن بأنه أحمد بن صالح المصري ، وغلط الحاكم قول من قال : إنه ابن أخي ابن وهب ، وقال ابن منده : كلما قال البخاري في ( جامعه ) حدثنا أحمد عن ابن وهب ، فهو ابن صالح ، وإذا حدث عن ابن عيسى نسبه ، قلت : لعل الكرماني اعتمد على هذا حيث قال أحمد ، أي ابن صالح المصري ، وقال في ( رجال الصحيحين ) : أحمد غير منسوب يحدث عن عبد الله بن وهب المصري ، حدث عنه البخاري في غير موضع من ( الجامع ) .

                                                                                                                                                                                  واختلفوا في أحمد هذا ، فقال قوم : إنه أحمد بن عبد الرحمن ابن أخي ابن وهب ، وقال آخرون : إنه أحمد بن صالح أو أحمد بن عيسى ، وقال أبو أحمد الحافظ النيسابوري : أحمد عن ابن وهب هو ابن أخي ابن وهب ، وقال ابن منده : لم يخرج البخاري عن أحمد بن صالح وعبد الرحمن شيئا في ( الصحيح ) ، وعمرو هو ابن الحارث ، وأبو النضر بسكون المعجمة سالم ، وسليمان بن يسار ضد اليمين .

                                                                                                                                                                                  ونصف هذا الإسناد الأعلى مدنيون [ ص: 171 ] والأدنى مصريون .

                                                                                                                                                                                  والحديث أخرجه البخاري أيضا في الأدب عن يحيى بن سليمان ، وأخرجه مسلم في الاستسقاء عن هارون بن معروف ، وأخرجه أبو داود في الأدب عن أحمد بن صالح .

                                                                                                                                                                                  قوله : " لهواته " بتحريك الهاء ، جمع لهاة ، وهي اللحمة المتعلقة في أعلى الحنك ، ويجمع أيضا على " لها " بفتح اللام مقصور ، قوله : " إنما كان يتبسم " فإن قلت : روي أنه ضحك حتى بدت نواجذه فما التوفيق بينهما ؟ قلت : ظهور النواجذ التي هي الأسنان التي في مقدم الفم أو الأنياب لا يستلزم ظهور اللهاة ، قوله : " عرفت الكراهية في وجهه " وهي من أفعال القلوب التي لا ترى ، ولكنه إذا فرح القلب تبلج الجبين ، فإذا حزن أربد الوجه فعبرت عن الشيء الظاهر في الوجه بالكراهة ; لأنه ثمرتها ، قوله : " ما يؤمنني " من أمن يؤمن ، ويروى : ما يؤمني بالهمزة وتشديد النون ، قوله : " عذب قوم عاد " حيث أهلكوا بريح صرصر ، قال الكرماني : فإن قلت النكرة المعادة هي غير الأولى ، وهنا القوم الذين قالوا هذا عارض ممطرنا هم بعينهم الذين عذبوا بالريح فيها عذاب أليم تدمر كل شيء ، قلت : تلك القاعدة النحوية إنما هي في موضع لا يكون ثمة قرينة على الاتحاد ، أما إذا كانت فهي بعينها الأولى ; لقوله تعالى وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله ، ولئن سلمنا وجوب المغايرة مطلقا ، فلعل عادا قومان ، قوم بالأحقاف أي في الرمال ، وهم أصحاب العارض ، وقوم غيرهم من الذين كذبوا ، انتهى . قلت : تمثيله بقوله : وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله " ، غير مطابق لما قاله لأن فيه المغايرة ظاهرة ، لكن يحمل على معنى أن كونه معبودا في السماء غير كونه معبودا في الأرض ، لأن إلها بمعنى مألوه بمعنى معبود ، فافهم .




                                                                                                                                                                                  الخدمات العلمية