الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
( و ) السنن ( آكدها سنة الفجر ) اتفاقا ، ثم الأربع قبل الظهر في الأصح ، لحديث { من تركها لم تنله شفاعتي } ثم الكل سواء ( وقيل بوجوبها ، فلا تجوز صلاتها قاعدا ) ولا راكبا اتفاقا ( بلا عذر ) على الأصح ، [ ص: 15 ] ولا يجوز تركها لعالم صار مرجعا في الفتاوى ( بخلاف باقي السنن ) فله تركها لحاجة الناس إلى فتواه ( ويخشى الكفر على منكرها وتقضى ) إذا فاتت معه ، بخلاف الباقي .

التالي السابق


( قوله آكدها سنة الفجر ) لما في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها { لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم على شيء من النوافل أشد تعاهدا منه على ركعتي الفجر } وفي مسلم { ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها } وفي أبي داود { لا تدعوا ركعتي الفجر ولو طردتكم الخيل } بحر .

( قوله في الأصح ) استحسنه في الفتح فقال : ثم اختلف في الأفضل بعد ركعتي الفجر . قال الحلواني : { ركعتا المغرب فإنه صلى الله عليه وسلم لم يدعهما سفرا ولا حضرا } ثم التي بعد الظهر لأنها سنة متفق عليها ، بخلاف التي قبلها لأنها قيل هي للفصل بين الأذان والإقامة ، ثم التي بعد العشاء ، ثم التي قبل الظهر ، ثم التي قبل العصر ، ثم التي قبل العشاء . وقيل بعد العشاء وقبل الظهر وبعده وبعد المغرب كلها سواء . وقيل التي قبل الظهر آكد وصححه الحسن ، وقد أحسن ، لأن نقل المواظبة الصريحة عليها أقوى من نقل مواظبته صلى الله عليه وسلم على غيرها من غير ركعتي الفجر . ا هـ .

( قوله لحديث إلخ ) قال في البحر : وهكذا صححه في العناية والنهاية لأن فيها وعيدا معروفا : قال عليه الصلاة والسلام { من ترك أربعا قبل الظهر لم تنله شفاعتي } ا هـ قال ط : ولعله للتنفير عن الترك ، أو شفاعته الخاصة بزيادة الدرجات . وأما الشفاعة العظمى فعامة لجميع المخلوقات ( قوله وقيل بوجوبها ) وهو ظاهر النهاية وغيرها خزائن .

قلت : وإليه يميل كلام البحر ، حيث قال : وقد ذكروا ما يدل على وجوبها ، ثم ساق المسائل التي فرعها المصنف ، ووفق بينه وبين ما في أكثر الكتب من أنها سنة مؤكدة بأن المؤكدة بمعنى الواجب . وأجاب عما ينافيه وكتبناه فيما علقناه عليه ما فيه .

( قوله اتفاقا ) أما على القول بالوجوب فظاهر . وأما على القول بالسنية فمراعاة للقول بالوجوب ولآكديتها ط . هذا : وقد ذكر في البحر الاتفاق عن الخلاصة وأقره ، لكن نازع فيه في الإمداد [ ص: 15 ] جازما بأن الجواز على القول بالسنية وأن عدمه إنما هو على القول بالوجوب ، واستند في ذلك إلى ما في الزيلعي والبرهان من التصريح ببناء ذلك على الخلاف . ثم قال : ولا يخفى ما في حكاية الإجماع على عدم الجواز وليس الإجماع إلا على تأكدها ا هـ لكن يخالفه ما نذكره قريبا عن الخانية من الفرق بينهما وبين التراويح ، في أنها لا تصح قاعدا لأنها سنة مؤكدة بلا خلاف ، تأمل .

( قوله على الأصح ) عزاه المصنف في المنح إلى باب التراويح من الخانية .

أقول : والذي في الخانية هناك : لو صلى التراويح قاعدا ، قيل لا يجوز بلا عذر ، لما روى الحسن عن أبي حنيفة : لو صلى سنة الفجر قاعدا بلا عذر لا يجوز فكذا التراويح لأن كلا منهما سنة مؤكدة . وقيل يجوز ، وهو الصحيح . والفرق أن سنة الفجر سنة مؤكدة بلا خلاف ، والتراويح دونها في التأكد ، فلا يجوز التسوية بينهما . ا هـ .

فأنت ترى أنه إنما صحح جواز التراويح قاعدا لا عدم جواز الفجر ، نعم مقتضى كلامه تسليم عدم الجواز في سنة الفجر فتأمل .

( قوله فله تركها إلخ ) الظاهر أن معناه أنه يتركها وقت اشتغاله بالإفتاء لأجل حاجة الناس المجتمعين عليه ، وينبغي أنه يصليها إذا فرغ في الوقت . وظاهر التفرقة بين سنة الفجر وغيرها أنه ليس له ترك صلاة الجماعة لأنها من الشعائر ، فهي آكد من سنة الفجر ، ولذا يتركها لو خاف فوت الجماعة ، وأفاد ط أنه ينبغي أن يكون القاضي وطالب العلم كذلك لا سيما المدرس .

أقول : في المدرس نظر ، بخلاف الطالب إذا خاف فوت الدرس أو بعضه تأمل .

( قوله ويخشى الكفر على منكرها ) أي منكر مشروعيتها إن كان إنكاره لشبهة أو تأويل دليل ، وإلا فينبغي الجزم بكفره لإنكاره مجمعا عليه معلوما من الدين بالضرورة كما قدمناه أول الباب .

( قوله وتقضى ) أي إلى قبيل الزوال ، وقوله معه تنازعه قوله تقضى وفاتت فلا تقضى إلا معه حيث فات وقتها ; أما إذا فاتت وحدها فلا تقضى ، ولا تقضى قبل الطلوع ولا بعد الزوال ولو تبعا على الصحيح أفاده ح وسينبه عليه المصنف في الباب الآتي .




الخدمات العلمية